حسين عبد الرازق نخطئ كثيرا إذا ربطنا بشكل تعسفي بين أحداث يوم الجمعة 9 سبتمبر، بدءاً بمليونية «تصحيح المسار» في ميدان التحرير، مروراً بالمظاهرة أمام دار القضاء العالي تأييداً لاستقلال القضاء والمظاهرة أمام السفارة الإسرائيلية وتحطيم «الجدار العازل»، وصولاً إلى التظاهر أمام مبنى وزارة الداخلية والاعتداء عليه واقتحام مبنى السفارة الإسرائيلية.
فجمعة تصحيح مسار الثورة التي بدأت صباح يوم 9 سبتمبر واستمرت حتى الساعة السادسة مساء، والتي دعت إليها الجمعية الوطنية للتغيير وحركتا 6 ابريل وكفاية وأحزاب التجمع والجبهة الديمقراطية والكرامة والغد وأحزاب وحركات أخرى إضافة إلى ائتلافات الشباب الرئيسية، كانت نموذجا للممارسة الديمقراطية المسؤولة، ولم يتخللها أي أحداث سلبية أو مظاهر عنف، وطرحت شعارات صحيحة في مقدمتها المطالبة بجدول زمني لإنهاء الفترة الانتقالية، وإصدار قانون جديد لانتخابات مجلس الشعب يقوم على مشروع القانون الذي اتفقت عليه الأحزاب والقوى والحركات السياسية، ووقف محاكمة المدنيين أمام القضاء العسكري وإلغاء كل الأحكام الصادرة من محاكم عسكرية ضد مدنيين وإعادة محاكمتهم أمام القضاء العادي، وإصدار قانون استقلال القضاء، واتخاذ خطوات لتحقيق العدالة الاجتماعية والتنمية الوطنية المستقلة بدءا بتحديد حد أدنى للأجور وحد أقصى وتبني سياسة اقتصادية واجتماعية تقوم على دور أساسي للدولة - إلى جانب القطاعين الخاص والتعاوني- في الاستثمار والتنمية وتوفير الخدمات السياسية.كذلك فالمسيرات التي توجهت إلى دار القضاء العالي لتأييد القضاة ونضالهم من أجل تحقيق استقلال القضاء، والثانية التي توجهت إلى السفارة الإسرائيلية وحطمت «الجدار العازل»، كانت بدورها ممارسة ديمقراطية سلمية تستحق التحية والتقدير. ولكن هناك ثلاث وقائع تخرج عن هذا السياق الديمقراطي، وتثير القلق وتطرح العديد من التساؤلات:- فالمظاهرة التي توجهت إلى وزارة الداخلية واعتدت على مبناها من الخارج وهتفت ضد الشرطة، أمر مرفوض ولا علاقة له بالثورة أو الديمقراطية.وعدم قيام الشرطة بواجبها في منع هذا الاعتداء والتصدي للخروج على القانون أمر لم يعد مقبولا.- واقتحام مقر السفارة الإسرائيلية، وعدم توفير الحماية والأمن لها- وبصرف النظر عن رفضنا والرأي العام لمعاهدة الصلح بين السادات وبيجن والتطبيع مع العدو الإسرائيلي- أمر مرفوض ويؤدي إلى فتح جبهات خارجية في وقت حرج داخليا.- والاعتداء على مبنى مديرية أمن الجيزة خروج بدوره على الممارسة الديمقراطية ولجوء للعنف في مواجهة أحد أجهزة الدولة المصرية.وترتب على هذه الأحداث الثلاثة مقتل 3 أشخاص واصابة نحو 1049 شخصا.والتساؤل الرئيسي الآن.. من يقف وراء هذه الأحداث الثلاث التي تستهدف الاساءة إلى الثورة، وتحاول إثارة صدام بين قوى الثورة من ناحية وجهاز الشرطة والمجلس الأعلى للقوات المسلحة من ناحية أخرى، وتعطي الحجة للقوى التي تدعو لإجراءات استثنائية وتفعيل حالة الطوارئ المعلنة منذ 30 عاما؟!إن الاجابة على هذا السؤال مسؤولية المجلس الأعلى للقوات المسلحة وأجهزة التحري والتحقيق، المطالبة بالوصول بسرعة إلى تحديد مرتكبي هذه الأفعال والقوى التي تقف وراءهم.
جمعة تصحيح المسار.. وأحداث العنف الغريبة
نشر في: 14 سبتمبر, 2011: 05:27 م