عالية طالبهل يمكن القول إن بؤر العنف الموجودة في العراق ليست سوى خلايا يطيب لها أن تسمى نائمة حينا وظاهرة حينا آخر ، اعتماداً على الحراك السياسي الذي تزدهر مواسمه حسب الصفقات التي تحاك داخل الأروقة و داخل المناهج السياسية العراقية ، إن صح إطلاق كلمة نهج عليها فعلا .
وتبدو ضريبة ما يجري واضحة على حياة المواطن الذي بات يدفع غاليا دون أن يكون شريكا لا في رغبة الدفع القسري ولا في الاستفادة المبتغاة ، وكل دوره يتلخص بأنه الضحية التي تحقق النهج السياسي المرسوم وفق الذهنية التخطيطية للمستفيدين من كل الصور الفاضحة التي تبرزها حلبة هذا الصراع المقيت . صراع على تصدر الواجهة وعلى الخوف من النزول عنها وعلى قوة التأثير وضخامة ما يمكن إن توفره هذا القوة من امتيازات آنية ومستقبلية مرتبطة بالذات الشخصية وبمصالح إقليمية تحقق حضورها على الساحة العراقية بوضوح لا يقبل الجدل . ويحق لنا إن نتساءل عن أسباب الفشل في تحقيق الأمن والاستقرار النفسي والاقتصادي والاجتماعي والخدمي للمواطن والمجتمع ، بعد كدس السنوات التي مرت بكل أجنداتها المتشعبة ؟ ولماذا أختار المنهج السياسي مشروع إشعال فتيل الأزمات المتعاقبة وعدم الخروج من الفوضى " المنظمة " التي شاركت في إيجادها القوات الأميركية التي يجمع الكل في العلن على ضرورة إتمام انسحابها ويحيكون في الخفاء خطط إبقائها واستمرار نفوذها !!! بقي المجتمع بكل فئاته هو الوحيد المتفق علناً على ضرورة إلغاء الوجود الأميركي من العراق طوال السنوات التي أعقبت 2003 وهو ما اتفقت به معه دراسة أمريكية بعنوان "الخطوات الضرورية لانسحاب مسؤول من العراق", أشرف عليها مركز "وذرهيد" للشؤون الدولية في جامعة "هارفارد" واشترك فيه عدد من مراكز الدراسات ، مؤكدة أن وجود القوات الأمريكية في العراق هو عامل مهم في إثارة الصراع والعنف ( بالرغم من إنه ليس العامل الوحيد)، وإن الانسحاب الكامل ليس مرغوبا فحسب، بل هو جوهري لتحقيق تقدم دائم.وان كانت إستراتيجية الأمن القومي العراقي قد اعتبرت الاختلاف الفكري والسياسي لأبناء المجتمع العراقي يمثل تهديدا يجب القضاء عليه ، فإنها هنا قد دانت نفسها بمصادرة الرأي الآخر وهو من أولى اشتراطات المنهج الديمقراطي الذي استند التغيير السياسي عليه تخلصا من الدكتاتورية السابقة .إن مشجب مصطلحي القاعدة والبعثيين ، وإلقاء تبعات كل ما يجري من خروقات أمنيّة عليهما لا يبدو أمراً منطقيا تماما ، بل هو نوع من التضليل الإعلامي والسياسي لتناسي الأطراف الأخرى التي لها مصالح مهمة في إبقاء وضع العراق قلقا .ويبقى أمن المواطن متأرجحا داخل عوامل متعددة انسحب أولها من جسد المدن العراقية وعينه على قلبها الذي لا نعرف حقا بيد من هو الآن!
وقفة: النهج السياسي للعنــف العراقــي
![](/wp-content/uploads/2024/01/bgdefualt.jpg)
نشر في: 14 سبتمبر, 2011: 09:04 م