حازم مبيضينتؤشر زيارة رئيس الوزراء معروف البخيت إلى إقليم كردستان العراق, والنتائج الناجمة عنها, إلى بدء مرحلة جديدة بين عمان وأربيل, لعل أفضل بداياتها افتتاح قنصلية أردنية في عاصمة الإقليم, والتوقيع على اتفاقيات في العديد من المجالات الصحية والزراعية والاسكان وتكنولوجيا المعلومات والنقل والاتصالات والتخطيط, إضافة لتوقيع مذكرات تفاهم بين اتحاد الغرف التجارية والصناعية الكردية وغرفتي تجارة وصناعة اﻻردن وبين نقابة المقاولين واﻻنشاءات اﻻردنية ومثيلتها الكردية, وتوجت الزيارة باللقاء بين البخيت ورئيس الإقليم مسعود بارزاني حيث نقل البخيت أمنيات الملك عبد الله الثاني ﻻقليم كردستان بمزيد من التقدم واﻻزدهار.
البخيت وصف الزيارة بانها مثمرة, وأشار إلى اﻻهتمامات المشتركة التي تم بحثها خلالها لدفع مستوى التعاون اﻻقتصادي والتبادل التجاري وتبادل الخبرات في القطاعات التنموية, ومن جانبه ثمن بارزاني زيارة البخيت, وأبدى الرغبة في زيادة التعاون مع الأردن, نظراً لما تتمتع به المملكة من عوامل الأمن واﻻستقرا ر والخبرات المتقدمة في مختلف المجاﻻت, ومن جانبه أكد وزير الصناعة والتجارة الدكتور هاني الملقي أن اللقاءات التي تمت بين الوزراء ورجال الأعمال, اتسمت بالصراحة والصدق والبحث في الفرص المناسبة للتعاون واﻻرتقاء بالعلاقات إلى مستوى الطموحات, في حين أكد نظيره الكردي طموح الإقليم لتحقيق مستويات عالية من التعاون, مبدياً اﻻستعداد التام لبناء علاقات متينة مع الأردن لما يتمتع به من تجربة رائدة في كافة المجاﻻت,لا سيما وأن الإقليم يتطلع إلى مزيد من التقدم على المستويات كافة.ما دام كل هذا التفاؤل ممكناً فلماذا تأخرت زيارة المسؤول الأردني, رغم الثقة بأنه كان مرحباً بها ومطلوبة منذ سنوات؟ وتنطوي الإجابة على السؤال على جانبين, أولهما يتعلق بالأخذ بعين الاعتبار, معارضة بغداد لطموحات أربيل في بناء شبكة من العلاقات الخارجية, بمعزل عن تدخلها ورغبتها في تحجيم طموحات الإقليم, والثاني يتعلق بجهل حكوماتنا للأهمية الاقتصادية والسياسية للإقليم الكردي, وغني عن القول أن الكثيرين سبقونا إلى اغتنام الفرصة, ولغير العارفين نقول إن حجم الاستثمارات التركية في كردستان يفوق أي خيال, ونعرف مثل غيرنا الكلفة السياسية التي تدفعها أنقره لحماية هذه الاستثمارات.ما يحتاجه الأردن اليوم ليس مجرد قنصلية تعنى بمنح تأشيرات الدخول, وعلينا أن نفكر بشيء أكثر من قنصلية وأقل من سفارة, وعلينا حشد جيش من المتخصصين للنهوض بالمهمة, شريطة أن يكونوا من المعنيين بالقضية الكردية, والمطلعين على واقع الإقليم وطموحات شعبه, وليس عيباً ولا انتقاصاً من قدر هؤلاء, لو خضعوا لدورة مكثفة يحاضر فيها متخصصون لمعرفة مواقع أقدامهم, قبل أن يحطوا رحالهم في أربيل, مع الإشارة إلى الضرورة الملحة لفهم تاريخ العلاقة بين قيادتي البلدين, ابتداءً من علاقة الراحلين الحسين والملا مصطفى, وصولاً إلى مبادرة كاك مسعود بإعادة ممتلكات الهاشميين في الإقليم إلى عميد آل البيت عبد الله الثاني, في خطوة تنم عن رغبة مؤكدة في بناء علاقة متميزة بين الأردن وإقليم كردستان.نثمن عالياً خطوة حكومة البخيت, التي نعترف أنها أتت متأخرة, لكن ذلك أفضل آلاف المرات من أن لاتأتي, وهي لذلك بحاجة إلى جهد مضاعف لتأتي أكلها, والمطلوب أن تدقق وزارة الخارجية مطولاً في أسماء طاقم القنصلية, وأن ترفدهم قدر المستطاع بمستشارين مؤتمنين, يعرفون جيداً تضاريس الحياة السياسية والاقتصادية والثقافية في الإقليم, بقدر إدراكهم مصالح بلدهم, وضرورة اغتنام الفرصة للحاق بمن سبقونا إلى بناء علاقة خاصة مع أربيل, التي ظلت تتطلع إلى أوضاع متميزة مع عمان.
في الحدث: أكثر من قنصلية وأقل من سفـارة
![](/wp-content/uploads/2024/01/bgdefualt.jpg)
نشر في: 14 سبتمبر, 2011: 09:21 م