ثائر صالحتميز الموسيقي العبقري فرانس شوبرت بتـأليف الأغاني الألمانية والارتفاع بهذا الشكل الموسيقي إلى مصاف الأشكال الموسيقية الأخرى، وأعطاه دفعة قوية بفضل مزجه الرائع بين متانة النص الذي يختاره وقوة خياله وروعة الموسيقى التي تعبر عن هذا النص.
الأغنية قديمة، منذ عصر التروبادور أي المغنين الجوالين في العصور الوسطى، واستمرت في عصر الباروك وهناك أغان جميلة كتبها كبار الموسيقيين، مثل هايدن وموتسارت وبيتهوفن. اكتسب هذا النمط أهمية موسيقية كبيرة في الفترة الرومانتيكية، بعد أن بدأ الموسيقيون باختيار الأشعار الجميلة وتلحينها، عادة بمصاحبة البيانو، ولاحقاً بمصاحبة اوركسترا كاملة، كما هو الحال مع مؤلفين مثل شومان وبرامز. وتطور الأمر إلى دخول هذا الشكل كجزء من السيمفونية، كما هو الحال في أعمال الرومانتيكيين المتأخرين مثل مالر كما مر بنا سابقاً.قصة ملك الغابات من الاساطير الدنماركية، ترجمها إلى الألمانية الشاعر هردر، وتناولها الكثير من الشعراء بعده. اختار شوبرت نص غوته الذي ألفه في 1781، ووضع أغنيته الرائعة في سنة 1815 للبيانو وصوت منفرد. تتحدث الاغنية عن طفل مريض يأخذه أبوه عبر الغابة في الليل إلى الطبيب ممتطياً فرسه، الفصل شتاء والريح تعصف، فيقول الطفل لأبيه، أبتي، ألا ترى ملك الغاب يستدعيني إليه وإلى بناته؟ ويطمئنه الأب، إنما هذا هو عويل الريح، ويحتضنه بقوة ويسرع إلى المدينة. ويعاود الطفل المحموم تنبيه أبيه إلى دعوة ملك الغاب، إلى أن يصرخ الطفل، ملك الغاب يمسك بي ويجذبني. يحث الأب حصانه للجري بأسرع ما يمكن، وعندما يصل إلى مقصده يرى أن ابنه قد فارق الحياة. في القصيدة القصيرة المؤلفة من ثمانية أبيات مزدوجة يتبادل الراوي والأب والطفل وملك الغاب الحوار في عمل درامي قصير كثفه شوبرت في أربع دقائق فأنتج واحدة من أروع الأغاني في تاريخ الموسيقى الأوربية.
موسيقــى السبــت: ملك الغابات لشوبرت
نشر في: 16 سبتمبر, 2011: 05:41 م