TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > العمود الثـامـن :مولانا الذي في دولة القانون

العمود الثـامـن :مولانا الذي في دولة القانون

نشر في: 16 سبتمبر, 2011: 11:53 م

علــــي حســين  أراد النائب خالد الأسدي أن يكحل عملية هجوم بعض أعضاء الحكومة  وقادة في دولة القانون على وسائل الإعلام  فأعماها تماما،حين أكد أن ائتلافه  سيسعى  الى مقاضاة  وسائل الإعلام التي وصفها بأنها "  " تسيئ للمسؤولين والشخصيات السياسية". السيد الأسدي برر هذا التصرف  بأنه يدخل ضمن حقوق أي شخص بالدفاع عن سمعته ،فهناك حسب قوله ، وسائل إعلام تتقصد الإساءة لشخصيات ورموز وطنية ومسؤولين كبار في الحكومة".
طبعا قبل حديث الأسدي هذا كانت أخبار قد أكدت أن ائتلاف دولة القانون شكل لجنه تتولى مهمة رصد  وسائل الإعلام التي تنتهج ما يعتبره خطابا معاديا للعملية السياسية. لم أكن أعلم حتى هذه اللحظة أن الاقتراب من  قلعة دولة القانون مسألة في غاية الحساسية على هذا النحو، كما لم أكن أتصور أن العراق الذي يقول الجميع انه أشعل شرارة الديمقراطية في المنطقة، يمكن أن يضم مسؤولين يحتقرون الصحافة إلى هذا الحد الذي يدفعهم إلى إعلان الحرب عليها، ولم أكن اعلم أن حالة الهلع يمكن أن تصيب سياسيين لمجرد مقال، فيما لم يرف لهم جفن وهم يرون حجم الفساد المستشري بالبلد ، ولم يلتفتوا الى معاناة ملايين العراقيين من سوء الخدمات والبطالة.  إذن،  بوضوح شديد، ومن غير لف ودوران لا تنتظروا إصلاحات ديمقراطية،  طالما يتعامل قادة البلد مع هموم الناس ومطالبهم بهذا الشكل.لابد أنكم جميعا تتوقفون  مثلي  عند مفهوم العلاقة بين  الحكومة والإعلام  من منظور أعضاء دولة القانون ، فهم يعتبرونها علاقة تربوية  ، الإعلام  فيها هو المغرر به  ، مما يضطر  قادة دولة القانون  لتقديم النصح له كي يستقيم ، وإذا لم ينفع هذا العلاج، فبالتدخل العنيف، تارة بالإصبع  الذي شهره المالكي بوجه هناء أدور ، وربما أخرى فيما بعد بصفعة على الوجه كما حصل حين اعتقل عدد من الإعلاميين شاركوا في تظاهرات ساحة التحرير. وبصرف النظر عن أن الأساليب التربوية الحديثة ودعت إلى غير رجعة أدوات العقاب البدني، بل وصارت محرمة دوليا ، فإن الأهم والأولى بالرصد هنا أن السادة أعضاء دولة القانون يرون الإعلام  مجرد تلميذ مشاغب لا يعرف حدوده جيدا  وفي حاجة ماسة إلى سلطة تقمعه وتعيده إلى جادة الصواب.ولابد أن  العراقيين يتذكرون كيف ان سلطة البعث  وضعت مفهوم المواطنة جانبا لتستبدله بمفاهيم عائلية من نوعية الأب القائد ، الأب المناضل ، قائد الجمع المؤمن  فكان صدام ، يعتبر نفسه رب العائلة العراقية، وانه أب للشعب  ، وبالتالي تكون معارضة الأب والاحتجاج عليه والكتابة ضده  نوعا من العقوق يجب ان يواجه بالضرب والقمع والسجن والحرمان من الحقوق الأساسية والموت،  وكنا كإعلاميين ومواطنين نتمنى بان تتغير هذه النظرة بعد سقوط تمثال صدام  وان يصبح الجميع سياسيين ومواطنين شركاء في بناء هذا الوطن، وان تطوى صفحة  " القائد الملهم " الى الأبد ، لكن للأسف منذ أن دخلت عبارة "الديمقراطية" قاموس الحياة العراقية اليومية شاعت كلمات مثل المحسوبية والانتهازية آلاف المرات ونفذت الجهات السياسية عمليات إعدام بالجملة لكل مفاهيم الديمقراطية الحقيقية في إطار سياسة تجفيف منابع الخطر، بل إن من التشريعات المشددة ما يهيئ له تجريم كل من يطلق صرخة غضب ضد الفاسدين والمدلسين والمزورين. وفى المقابل فإن التعامل مع ملفات الفساد يمضي في منتهى النعومة واللطف، حتى بدا أن السادة "الفاسدين" يملكون من أوراق الضغط ما يجعل الحكومة لا تجرؤ على أن ترفع عينها أمامهم، وأقصى ما تستطيع الجهات المعنية أن تفعله أنها تخصص جلسة خجولة في مجلس النواب لسؤال المفسدين والمزورين ثم تلتمس من أصحاب السيادة والمعالي بكل أدب أن يتفضلوا بالإجابة على الأسئلة. وبما أن كل صحافة لا تسبح بحمد الحكومة ومعها دولة القانون فإنها حتما تعمل ضد الوطن، ولهذا فان كل من يساعدها فإنما يساعد الأفكار الهدامة التي تريد النيل من تجربتنا الديمقراطية، وبالتالي فالمطلوب هو بدء مرحلة حصار شاملة لهذه الصحف لتركيعها، فإذا لم يكن بالقانون، فيمكن اللجوء إلى أسلحة أخرى ولتكن غرامات بالمليارات– تيمنا بما يقبضه المسؤولون من رواتب وعمولات-، حتى تنصاع هذه الصحف لأوامر السادة المسؤولين  ، أو تختفي من الوجود.وما نشر في الآونة الأخيرة من تصريحات لأعضاء في دولة القانون  يضعنا أمام مشهد ينتمي قلبا وقالبا لزمن صدام، ويعنى أن الكلام الكبير عن  الديمقراطية والشفافية  ليس أكثر من دغدغة مشاعر وان البعض يعتقد ان الناس لا تستطيع أن تحيا دون أن يكون لها " قائد ضرورة " يتغزلون بمفاتنه وخصاله آناء الليل وأطراف النهار،  وان الإعلام لا تستقيم حاله إلا إذا استمر بممارسة  رياضة  التطبيل والتزمير لمن بيدهم  الأمر.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram