TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > في الحدث :مسلمو فرنسا والصلاة فـي الشوارع

في الحدث :مسلمو فرنسا والصلاة فـي الشوارع

نشر في: 18 سبتمبر, 2011: 08:15 م

 حازم مبيضين سترتفع الكثير من الأصوات, وستبح الكثير من الحناجر, وهي تهاجم الحكومة الفرنسية, لأنها سنت قانونا يحظر صلاة المسلمين في طرقات باريس, وهي استندت في قرارها إلى شكاوى البعض من منظر المئات من الرجال, وهم يركعون ويسجدون في الشوارع, وعلى أن الصلاة على هذا النحو تخالف علمانية الجمهورية الفرنسية, وتفتقر إلى الوقار اللائق بالشعائر الدينية,
وإذا كان البعض يعيد سبب استخدام الشوارع للصلاة إلى قلة عدد المساجد, فإن واجب المسلمين الراغبين بتأدية فروضهم, يحتم عليهم بناء المساجد الكافية, لا أن يحتلوا الشوارع التي فتحت لغير غرض التعبد وإقامة الصلوات.بداية الحملة المضادة للقرار, أتت على لسان الشيخ  محمد صلاح حمزة، وهو إمام مسجد في شمال باريس، بالقول إن منع الصلاة في الشوارع يعني تدفق المصلين على أماكن محدودة داخل المساجد, فيُحشرون فيها كالماشية, وزاد عليه الناشط الإسلامي عبده صديق بالقول, إن هذا مثال آخر على انقضاض الحكومة على المسلمين وأسلوب حياتهم, إذا كانوا لا يريدون لنا الصلاة في الشوارع  فليوفروا لنا المساجد, وهويتهم  الحكومة بخلق مشكلة لا وجود لها، فقط بغرض تحجيم المسلمين.وإن شئنا العودة لأسباب وجود المسلمين في فرنسا, لعرفنا أنهم ليسوا من سلالة الفاتحين الذين غزوا فرنسا قبل حوالي 1400 عام, وإنما هم أحفاد اليد العاملة الذين استقطبتهم فرنسا من المستعمرة الجزائرية لرخص أجورهم, إضافة لمن تم تجنيدهم في الجيش الفرنسي, وبعد نهاية الحرب العالمية الأولى أصدرت فرنسا قانونا، يعد استثناء من علمانيتها، يمكنها من بناء مسجد ومعهد إسلامي في عاصمتها لمكافأة المسلمين, وعرفانا منها لتضحيتهم في الدفاع عنها. وقد دشّنت هذه المؤسّسة الدينية في حفل رسمي عالمي عام 1926 في باريس,  ويضاف إلى هؤلاء أيضاً من يسمون بالحركيين, وهم أعوان فرنسا من الجزائريين الذين غادروا وطنهم بعد استقلاله, خشية الانتقام منهم.قاد نيكولاي ساركوزي حين كان وزيراً للداخلية الجدل حول مراجعة قانون عام 1905 الذي يتحدث عن علاقة الدولة بالدين، ويفصل بين الكنيسة والدولة، لكنه يجعل الدولة راعية للدين وحامية له، فأصدر كتاباً ناقش فيه وضع الإسلام ومكانة الدين في المجتمع، داعياً إلى مراجعة القانون، ووضع سؤالاً ضخماً بكتابه هذا أمام الجميع وهو هل ينبغي مراجعة العلمانية وتطويرها   لصناعة إسلام فرنسي, ورأى أنه يجب تخليص الإسلام في فرنسا من التأثيرات الأجنبية ومن الأصوليين, ودعا إلى مشاركة مالية من جانب الدولة أو الإدارات المحلية في بناء مساجد وتأهيل أئمة.  معروف أن القوانين الفرنسية العلمانية تعطي الحق للمواطن أن يبني مسجدا أو كنيسة, ولكن إن  وجد عمدة مدينة ما يكره المسلمين ورفض لهم بناء مسجد على أرض ما، فإن هذه المشكلة لا تعود إطلاقاً إلى العلمانية, وإنما إلى تعصب العمدة، ذلك أنه من الناحية النظرية والقانونية يعامل الإسلام في فرنسا كما تعامل جميع الأديان وهذا ما تنص عليه قوانين كثيرة , وإذا كانت القوانين تحظر استخدام المال العام لبناء دور العبادة, فإن فرنسا تضم ألفي مسجد بني أكثر من نصفها خلال السنوات العشر الأخيرة, وهناك اليوم عدد من المباني العامة الخالية – بما فيها محطة مطافئ مغلقة بشمال باريس – ستمنح للمسلمين لأداء صلواتهم فيها إلى حين بناء مساجد جديدة لهم.سيندد الكثيرون بالقرار الفرنسي باعتبار أنه ضد الإسلام, وسيكون مؤسفاً أن تنجر إلى الحملة وسائل إعلام, بدل شنها حملة تدعو مسلمي فرنسا لاحترام شعائر دينهم, بدل التفاخر بإقامتها في غير الأمكنة التي تليق بها.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram