TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > مصالح الشعب بين سلطة النزاهة وسلطة الإعلام

مصالح الشعب بين سلطة النزاهة وسلطة الإعلام

نشر في: 19 سبتمبر, 2011: 05:52 م

د.سهام الشجيري الفكر الاجتماعي منتج جمعي ( كما يقول صموئيل هنتنغتون) وهو وليد جهد ذاتي متكامل للمجتمع ومعبّر عن هدف اجتماعي مشترك من حيث الرغبة في عملية التغيير والبناء، هذا إذا افترضنا أن الدور الرقابي لمؤسسات الدولة فعل اجتماعي يعبر عن آلية جديدة لحماية الدولة والمجتمع من الابتزاز الضمني الذي يتعرض له المجتمع.
ومع إقرارنا أن الإعلام يعد المفصل الرئيسي في تعديل النظام القيمي وإشاعة القيم المضادة للفساد، إذ يسعى إلى ترويج الوعي بالنزاهة لدى الجمهور ويمارس عملية الحصانة لموظفي المؤسسات الحكومية من مغبة الانزلاق نحو الفساد من خلال السعي لدور إعلامي رقابي يحاول إيجاد أرضية صلبة للنظام القيمي والسعي لتغيير العادات القديمة، هذا إذا ما سلمنا أن الفساد الحكومي ارث اجتماعي واقتصادي قديم، ويبقى السؤال مفتوحا:-* ما علاقة الإعلام بالنزاهة؟ وهل صحيح أن مسؤولية الإعلام المرئي والمسموع والمقروء في مجتمع يقترح نظاما للعدالة والنزاهة تتقاذفه عدة مفاهيم؟* هل دور الإعلام يتلخص في مراقبة أداء الدولة والمشروع التوعوي أم مهمته البحث عن بؤر الفساد؟* هل مهمة الإعلام تأشير مكامن الخلل في مفاصل الدولة أم في تعزيز قيم الشفافية والنزاهة لمحاربة الفساد المؤسسي والفردي؟* هل وظيفته الكشف عن السلوكيات الخاطئة في عمل مؤسسات الدولة؟إن الدراسات الحديثة في العلاقة بين الدور الرقابي للإعلام والنزاهة تؤكد أن الفساد يمكن أن يؤدي إلى خلق حالات من عدم الكفاءة وعدم المساواة وتجاوز القانون والقفز على الصلاحيات وتعطيل خطط التنمية، وان دور النزاهة يمكنه أن يقلل من مخاطر الولوج في الفساد ،وهو وان لم يستطع إزالة الفساد بقدر ما، لكنه يسعى إلى تحسين فعالية وشرعية الدولة بشكل عام، وهذا هو البعد الأول الذي نرتكز عليه في ذلك، ويبدو الأمر موضوعيا حينما نقول انه لم يكن بالمقدور أولا إزالة الفساد بشكل كامل ،ولكن يمكننا اخذ خطوات لوضع حدود لتأثيره وتخفيف الأضرار التي يسببها في جسد الدولة والمجتمع، لان الفساد سلوك يحفزه حافز نابع من ضغوط اجتماعية ويؤدي إلى انتهاكات معيارية، كما أن المتغيرات المجتمعية تسهم في تفسير مستويات الفساد والتنبؤ بها، لأن كلمة الفساد لها تاريخ، إذ تولدت من معان ودلالات مختلفة ومتباينة على نحو استثنائي، ويؤكد فلاسفة السياسة وجوده في السياسة أو في الدولة، بمعنى : جهود لضمان ثروة أو سلطة بوسائل غير مشروعة، كسب شخصي على حساب الجمهور. البعد الثاني في العملية إننا يجب أن ندرك بأن الفساد له معان مختلفة وهو يقترب من المعنى التراثي( يقال فسد الشيء أي تلف وعطب ولم يعد صالحا)، وبهذا يكون معنى الفساد مضادا لمفهوم النزاهة، لكننا في عالمنا الثالث صارت له معان مختلفة، فالرشوة في مجتمع ما قد تعني هدية في مجتمع آخر، والقائد السياسي أو المسؤول الحكومي الذي يساعد أصدقاءه وأفراد عائلته ومناصريه قد يبدو جديرا بالثناء في بعض المجتمعات وفاسدا في مجتمعات أخرى، وهنا لابد  من أن نقول إن مفهوم الدور الرقابي للإعلام والنزاهة بات متأرجحا بين المعيار الشخصي والمعيار الاجتماعي والمعيار المهني.وأنا هنا كمراقبة، لا يمكنني أن أقدم تعريفا دقيقا أو عميقا عن دور الثقافة والموروث الاجتماعي الذي اخترق مفهوم النزاهة وتجاوز حدود الابتزاز الإعلامي، إذ إنني لا أكتم الآخرين سراً حينما أقول إن بعض الأدوار الرقابية التي يمارسها الإعلام باتت تشك في نزاهتها لأنها قائمة على فكرة الثراء في الاستقصاء والبحث عن حجم الخرق الذي تباركه فكرة حجم الغنيمة، فضاعت شفافية الإعلام بمقصلة الدور الإعلامي غير النزيه، فبتنا نعيش يوميا تحت حصار عناوين الصحف وتقارير الفضائيات عن الفساد الإداري والمالي وتهديدهما المجتمع وخطر استمرارهما. والبعد الثالث الذي يمكن أن نقترحه للفساد هو في هذا الانتقال بين حجم الفساد في القطاع العام (مؤسسات الدولة) وانتقال الممارسات الفاسدة للقطاع الخاص إلى مؤسسات الدولة، فغياب العدالة الاجتماعية والإصلاحات الديمقراطية والوضوح والشفافية يعني شيوع ظاهرة الفساد في مؤسسات الدولة، ونظرا لشيوع الفساد واطراد بقائه على مدى الزمان، واحتمالات عودته بعد زوال، يسود اعتقاد أن لا سبيل إلى معالجته كاختلال وظيفي يمكن الحد منه بجهد بشري هادف تقوده وسائل الإعلام المختلفة.إن تطور مفهوم الموضوعية في الدور الرقابي في وسائل الإعلام كان ينظر إليه كرد فعل على القطيعة الصحفية التي تهدف إلى الإثارة بدوافع شخصية، ولذلك يسعى الإعلاميون  إلى أن يكونوا غير متحيزين ونزيهين ومتوازنين في تعاطيهم مع حالات الفساد المنتشرة في مفاصل الدولة، غير أن النزاهة والإنصاف يختلفان عن التوازن، فالتوازن يوحي بان هناك جانبين فقط أي(خبر وهو شيء نادر وذو قيمة وذو سبق وانه يجب إعطاؤه قيمة متساوية من التغطية). والصحفيون الذين يسعون إلى التوازن المصطنع تفتقد تقاريرهم أساسا  الدقة، وبالتالي يكونون متجاوزين للحقائق العلمية والاقتصادية ،والخلل الثاني هو الكتابة من وجهة نظر ضيقة غير نزيهة وتقديم صورة ناقصة عن الخرق أو الفساد، هذا الأمر هو الذي يجعل من الإعلامي المهني المشوش تنتفض منه نزاهته وتسلب منه سلطته الرابعة التي تضاهي السلطات الأ

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram