علاء حسن نهاية عقد السبعينيات من القرن الماضي، واجه ساعي البريد في ناحية الفهود بمحافظة ذي قار صعوبة كبيرة في ايصال رسالة ، وردت من مصر الى احد اشقائنا المصريين العاملين في ورشة " أم بدر للاقراص النارية" وبعد بحث واستفسار ، وجهود مضنية، بذلها ساعي البريد وبالاستعانة بالمصريين العاملين في الناحية وقتذاك ، توصل الى الشخص المعني ، وحينما سلمه الرسالة خاطبه قائلا :" ياعمي كول مطال هاي منين جبتها الاقراص النارية "؟
للجيل الحالي الذي لا يعرف "المطال" ، فانه من مخلفات الحيوانات ولا تحتاج للأدنى جهد لجعلها على شكل اقراص تستخدم كوقود بعد تجفيفها اثر تعرضها لأشعة الشمس ، ومن ذلك "المطال " يقال للشخص الذي لا يجيد الكلام والحديث في المكان المناسب " لا تكوم تمطل " وربما لمفردة المماطلة علاقة بالاقراص النارية لورشة ام بدر .دخلت المماطلة في التعبيرات السياسية ، وانتقلت بدورها الى وسائل الاعلام وفي تبادل الاتهامات بين الدول المتصارعة والمتنازعة، فيقال عن الدولة الفلانية انها تماطل في تنفيذ وعودها والتزاماتها تجاه دولة اخرى ، و مفردة المماطلة في الساحة السياسية العراقية كثيرة التداول والاستخدام بين الاطراف المتنافسة ، خصوصا حينما يتم الحديث عن تنفيذ الوعود وتطبيق الاتفاقات ، وعلى الرغم من اعتماد التوافق قاعدة لحسم الخلاف حول الملفات العالقة والشائكة ، الا ان المماطلة لدى البعض اصبحت منهجا وسلوكا ، فشهدت البلاد ازمة تلو اخرى ، لان هناك من يصر على مواقفه بطريقة ورشة ام بدر لإنتاج الاقراص النارية .لمواجهة المماطلة في المواقف ، بادرت جهات وشخصيات حريصة على المصلحة الوطنية بطرح مقترحاتها ، ودعت المتنافسين المتخاصمين الى التمسك بالحوار لحسم خلافاتهم عبر العودة الى الاتفاقات السابقة ، لكن تلك المبادرات ، جوبهت برفض المتماطلين ، فامتدت المماطلة الى وسائل الاعلام ، وبعضها اثناء توتر الاجواء واحتدام الخلاف يلجأ الى خطاب " التمطل "بإثارة مقصودة للانقسامات الطائفية والمذهبية والعرقية ، ويعرض الاوراق القديمة بهدف تعميق الخلافات ، كما تفعل بعض الفضائيات المصرة على اشعال البلاد بالاقراص النارية .قبل ايام قليلة تلقى مواطنون اتصالات هاتفية من اقربائهم المقيمين في بلدان اوروبية تستفسر عن احوالهم واوضاعهم، مع سيل من الاسئلة الاخرى تتعلق بالاوضاع الامنية وعودة العنف الطائفي، والتهجير القسري في احياء مختلفة من العاصمة ، فكان الرد ان الامور على مايرام ولا تستوجب كل هذا القلق والاتصال في ساعات متأخرة من الليل ، واتضح ان المتصلين المقيمين في الخارج تأثروا بخطاب "التمطل " لإحدى الفضائيات مما دفعهم الى الاطمئنان على من في الداخل .لتجاوز الخلافات ، واحباط مخططات جر البلاد نحو متاهات مجهولة، يجب التخلي عن المماطلة ، وتحمّل مسؤولية الحفاظ على الديمقراطية ، اما اللجوء الى" التمطل " فلا ينفع اية جهة ، ولاسيما ان الجميع شركاء وحلفاء اعلنوا تمسكهم بالمشروع الوطني، ورفضهم استخدام الاقراص النارية في اشعال الازمات السياسية.
نص ردن :أقراص نارية
نشر في: 20 سبتمبر, 2011: 08:35 م