وديع غزوانعندما تصبح العدالة والمساواة وحقوق الإنسان والحريات ، مجرد شعارات لا معنى وطعم أو رائحة لها ، لا يبقى من علاقة النظام أي نظام ، بمواطنيه غير الاسم المجرد ، حيث أنها في ظل الشعور بالتهميش والظلم والحرمان ، وعندها لا ينظر المواطنون إلى رموزه ( أي النظام ) ، إلا أشكالاً زائفة تبرقعت بالديمقراطية لتستر حقيقتها وعمدت أن تغير أقنعتها بحسب الظروف والمراحل . في العراق بقينا نحلم لعقود طويلة بوطن جديد لا تمايز ولا فرق بين مواطنيه إلا بمدى ما يمتلكه من كفاءة وما يمكن أن يقدمه للوطن ..
حلم يقربنا من بقية خلق الله ، ونحس حقاً بدفء الثروات التي حبانا الله بها ، لكنها صارت وقفاً على حفنة من المحسوبين على النظام أو الحزب أو الطبقة دون سواها ، فبقيت الملايين جياعاً يقتلها المرض وسوط الجلاد الفاسد والحرامي . بعد 2003 توهمنا أن الحلم قد اقترب من التحقيق ، ومنحنا الثقة لعناصر تصورنا أن ما تعرضت له من ظلم قد يجعلها تبحث عن العدل المفقود ، وبذا فتحنا الباب لمفسدين جدد أن يدخلوا بيتنا الكبير ليعملوا فيه فساداً وقتلاً ، فبات الواحد منا يبحث عن ملاذ آمن لعائلته حتى كاد الحلم أن يتلاشى . صور من هذا الوجع الذي فرضوه علينا بفسادهم كثيرة ، قد نجدها في كل منطقة ومحلة، فهذا أحمد طالب في المرحلة الثالثة الجامعية عامل تنظيف في شارع الربيع ضمن أعمال بلدية المنصور و يعمل بأجر يومي يقول : لاأستحي من عملي هذا، فأنا أفضل من أي سارق للمال العام وهم معروفون ولكن هل تعلم أن حتى هذا العمل البسيط لاتحصل عليه إلا بالواسطة ؟ فاي بلد يضطر فيه شبابه لحمل المكنسة في الشارع من اجل لقمة العيش في حين يرى عشرات الأميين يحتلون مواقع في الحكومة ، ومميزات وعقارات وسيارات فارهة ، هؤلاء مؤهلهم القرابة من هذا المسؤول او ذاك والتزلف و"تفريك الأكتاف " ويضيف :هل تعلم أن والد احد أصدقائي استطاع أن يعين نفسه وأولاده الثلاثة في أحسن الوزارات لمجرد انه تمكن أن يقيم رابطة علاقة مع احد الشخصيات المهمة في النظام الجديد ، علماً انه كان مهندساً وفي موقع مهم في إحدى دوائر النظام السابق المنحلة ! فأي عدالة تلك التي تجعل المسؤول يعامل المواطنين على أسس القرابة وليس الوطن . مثل قصة احمد لم تعد غريبة في العراق الذي صنف رابع دولة في الفساد دون أن يستحي مسؤولوه أو نوابه من ذلك ويعلنوا استقالتهم ،في كردستان هنالك تجربة بدأ العمل بها ، في إطار برنامج الإصلاح الشامل ، لمساعدة الخريجين لحين إيجاد فرصة عمل ، وهي على بساطتها قد تكون مدخلاً لنا جميعاً لمراجعة النفس وان نقول مرة واحدة بصدق: نعم للعدالة نعم لحق المواطن .
كردستانيات: نعم لحقّ المواطن
![](/wp-content/uploads/2024/01/bgdefualt.jpg)
نشر في: 20 سبتمبر, 2011: 08:47 م