عامر القيسيلو يملك السادة المسؤولون مجسات حقيقية لمعرفة مزاج الشارع ، وهو واجب عليهم لكنهم لا يفعلونه ، لاكتشفوا دون عناء ان العراقيين يضعون اياديهم على قلوبهم خوفا من المستقبل ، لان المسرحية الكوميدية الطويلة التي تقدمها الطبقة السياسية على المسرح الشعبي لا تشير الى نهايات سعيدة .
هكذا يقرأ الشارع مستقبل الوضع السياسي والتجربة السياسية برمتها ، ومن يريد ان يعيش اوهام ان العراق " عال العال " ولا ينقصه غير " الخام والطعام " عليه ان ينزل الى الشارع ويتلمس بنفسه ، ان الناس خائفة من المستقبل بسبب الطبقة الحاكمة وغير الحاكمة ، تصريحات نارية عن العنف وعن منح الفرص وعن قلب الطاولة وتعديل الخارطة وقطع الايادي والطرق والعمل خارج القانون والدستور ، كل فصول هذه المفردات تجري امام سمع وبصر المواطن الذي لاحول له ولا قوة سوى ان يضرب كفا بكف على قسمته " السودة " بهؤلاء الذين من واجبهم ان يطمئنوا الشارع من ان الامور تحت السيطرة ، ولو اخذنا مثال خروج الاميركان المرتقب نموذجا ، لضربنا اخماسا باسداس ، هل ان خروجهم لمصلحة البلاد والعباد؟ ، هل ستندلع حربا اهلية طالما جرى التلويح بها ؟ ، هل سيتقسم العراق الى ولايات تابعة لدول الجوار؟ ، هل ستندلع مقاومة شريفة ضد حتى من يتبقى منهم من باب الاستعارة ؟، حتى المؤسسة الامنية متوزعة الاتجاهات ، طرف يقول نحن على استعداد وجهوزيتنا عالية للسيطرة على الوضع بعد رحيل الاميركان ، واتجاه آخر يقول ، مازلنا بحاجة الى وجودهم لاغراض التدريب وان المؤسسة العسكرية غير قادرة على حماية لأسمائنا ولامياهنا ولا ارضنا ، واتجاه ثالث يقول نحن بحاجة اليهم لاغراض التدريب على الاقل ، فيجيبه الرابع على ان يكون العدد محدودا ومنزوعي السلاح وبلا حصانة ! هذا على مستوى المؤسسة الامنية التي من واجبها وأولى مهامها ليس فقط توفير الأمن للمواطن بل ان تجعله يحس بالامان ، والفرق كبير بين الأمن والآمان. نستطيع ان نأخذ هذا القياس على جميع مؤسسات الدولة " جميعها بالتأكيد ، والاحزاب التي بيدها الحل والربط . لذلك من الطبيعي ان يلف اليأس ليس فقط المواطن العادي بل حتى المطلعين على بواطن الامور الذين يقولون ان البلاد اذا استمرت على السير في هذا الطريق فان البلاد سيكون مستقبلها محفوفا بالمخاطر ان لم تكن بلا مستقبل ، والذي يجعل هؤلاء الناس مقتنعين بمخاوفهم ويأسهم ان الواقع الذي يلمسونه باصابعهم يوميا شيء والذي تتحدث عنه الحكومة شيء آخر تماما فبينما يقول مسؤول حكومي ان الاوضاع جيدة واننا سائرون في طريق بناء الدولة ، تفند جريمة النخيب البشعة طروحاته ليس من الناحية الامنية ، وانما من المشهد الذي تلى الجريمة والذي كاد ان يطيح بكل شيء ، لنكتشف للمرة الألف ان المسؤولين والطبقة السياسية تسوق لنا الاوهام من ان ما نشاهده دولة وحكومة وعلم !!!
كتابة على الحيطان: توترات الشارع وتسويقات السياسيين
![](/wp-content/uploads/2024/01/bgdefualt.jpg)
نشر في: 20 سبتمبر, 2011: 09:08 م