TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > شناشيل :المتقاعدون والعدالة المفقودة

شناشيل :المتقاعدون والعدالة المفقودة

نشر في: 20 سبتمبر, 2011: 09:22 م

 عدنان حسينلم تتنكر أمّ لأولادها كما تتنكر دولتنا للمتقاعدين من موظفيها السابقين، ففي أكثر بلدان العالم يُصنّف المتقاعدون باعتبارهم من أفراد الطبقة المتوسطة، لكنهم في دولتنا التي يزيد مدخولها اليومي من النفط وحده عن 200 مليون دولار، فئة تعيش على الهامش  تحت الخط الأحمر الذي هو خط الفقر.أحد المتقاعدين كتب إليّ  رسالة عنونها بـ "المتقاعدون والعدالة المفقودة"، قائلا:
"تعاقبت ثلاث حكومات ولم يتحسن راتب التقاعد المدني .. راتبي 244 الف دينار .. خدمتي 26 سنة وتمت إحالتي على التقاعد العام 1988."مئة ألف دينار للكهرباء السحب (من المولدة الأهلية)... مئة ألف دينار للأطباء والتحاليل والعلاجات من أمراض عديدة (سكر، ضغط ، مفاصل ، بروستات) . المستشفيات الحكومية تقدم خدماتها بنسبة 20% فقط بسبب خوف الأطباء وقلة الأدوية والفساد الإداري." الذي يحال على التقاعد حالياً راتبه 500 ألف دينار. والفرق بين المتقاعد القديم والمتقاعد الجديد من ابتكارات هذه الحكومة التي تفتقر الى الكادر الإداري والمالي والقانوني الكفوء .. في كل العالم نظام التقاعد موحد  والتفاوت الطبقي محدود داخل هذه الفئة."المتقاعد، كأي إنسان آخر، يحب الحياة ويحتاج الى مأكل ومشرب وملبس وعلاج وسفر، وما يواجه كل هموم الحياة . أرجو من الحكومة الحالية النظر في هذه القضية وتوحيد رواتب المتقاعدين بين القديم والجديد مع زيادة هذه الرواتب  لمواجهة ضنك العيش. " أتمنى للعراقيين الخير والحب والأمان".بهذه الأمنية أنهى المتقاعد رسالته المؤسية التي بعدها بحثت في الانترنت عن معلومات حول حجم هذه المشكلة فوجدت ان التقديرات المتعلقة بعدد المتقاعدين تتذبذب بين مليون ونصف المليون والمليونين .. بعض التقديرات تشير الى أن المتقاعدين في البلاد يعيلون نحو ستة ملايين شخص (هم وعائلاتهم: الأزواج والأولاد الذين لا دخل لهم).كيف لأحد أن يتصور إمكانية أن يحيا فرد واحد حياة إنسانية في العراق بمبلغ 244 الف دينار (200 دولار أميركي) حتى لو لم تكن مشكلة كهرباء تتطلب انفاق 100 الف دينار شهريا أو مشكلة نقص الخدمات الصحية التي ترغم الناس على مراجعة الأطباء الخاصين بما يكلف 100 ألف دينار في الأقل، كما تشير رسالة المتقاعد.أحد زملاء المهنة المخضرمين لفت نظري الى أن متقاعدي الدولة على بؤس رواتبهم وأحوالهم أفضل حالاً من متقاعدي مهنتنا، فأساتذتنا المتقاعدون يتقاضى الواحد منهم شهريا  5 آلاف دينار فقط لا غير! هذا المبلغ بالكاد يكفي لشراء وجبة طعام واحدة في مطعم شعبي ( نفر كباب أو رز ومرق). وبالطبع فانه لا يكفي لشراء صحيفة يومية لمدة 30 يومياً، وأهون على الصحفي أن يموت من ان ينقطع عن  قراءة صحيفة واحدة في الأقل يومياً.نعم، نحن في دولة العدالة المفقودة كما عنون صاحب الرسالة رسالته.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram