TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > سلاما ياعراق : في حضرة الأحفاد

سلاما ياعراق : في حضرة الأحفاد

نشر في: 21 سبتمبر, 2011: 07:16 م

 هاشم العقابيمن يتصور ان من يصبح لديه أحفاد مثلي يشعر بأن العمر قد اخذ منه مأخذا، قد يكون مخطئا جدا. فمن جانبي كلما التف حولي ثلة الأحفاد، اشعر وكأني في مقتبل العمر. لا بل، وبدون مبالغة، اشعر أحيانا بأني واحد منهم. ألعب وأمرح معهم. يطاردونني وأطاردهم وإن أضحكوني اضحك من كل قلبي مثلما يفعلون.
في عطلة نهاية الاسبوع، التي تلت الليلة التي قتل بها هادي المهدي، جمعني وأحفادي لقاء. ولا ادري هل هو حدس الأطفال الخاص أم ذكاؤهم دفع بإحدى حفيداتي ان تقول لي: انك اليوم حزين يا جدو. اشرت لها برأسي: نعم. بادرني الحفيد آدم: هل ممكن أن نعرف لماذا؟ فلتت مني عبارة ما كنت اود قولها حتى لا افسد فرحتهم بتواجدهم ببيت الجد والجدة. قلت لهم: اني حزين على العراق.وكما تتوقعون ألحّوا علي لأفهمهم كيف ان الانسان يحزن على وطنه. فالوطن، كما يعرفونه مصدر، للفرح وليس مجلبة للهم والكدر. اصغر الاحفاد سألت: "وهل العراق مات او اصيب  بمرض؟ قالتها بالانجليزية وعيونها  توحي بانها لا تعرف ان كان العراق وطنا أو انسانا. ولأني محزون حقا قلت لنفسي لأحدث هؤلاء الابرياء عن العراق موطن جدهم الأصلي فلعلي أزيح عن صدري شيئا من الهم. بدأت الحديث بوصف فرحتي يوم السقوط. وعن سفرتي الى العراق بعد انهيار الدكتاتورية. وكيف اني فكرت بأخذهم كلهم الى هناك ليجدوا أطفالا من أحلى أطفال الدنيا. وأسهبت في الحديث عن العراق وجماله وعن طيبة أهله. وكيف انه، الذي لم يكتب لهم ان يروه، يحتاجهم وسيفرحون به ويفرح بهم. ثم قلت:  "لكن" .. التي اخرجتها مع زفير مر من صدري.لكن الفرحة لم تدم طويلا يا أحفاد. فقد جاء من قتلها  ليزرع  محلها  الخوف والقهر والبطش والفقر والاستبداد.  قاطعني آدم: هل عاد صدام اذن؟ قلت نعم. رد: لكن ابي قال لي بانه مات. نعم يا ابن ولدي لقد مات لكن، عاد اليوم بعباءة جديدة وباكثر من شخص وشكل لون.انا، يا احفادي، حزين لانهم قتلوا صديقي، لا لذنب إلا لأنه مأخوذ بالحرية. وقبله وبعده تقتل الناس يوميا حرقا وذبحا وصمتا لانهم صدقوا اللعبة ليس الا. نزلت دمعة من عيني حاولت منعها فلم استطع. اخذني الأحفاد لاحضانهم صائحين : اوووه .. نووووو. وأمطروني بالقبل ثم صمتوا.المحير ان آدم، وهو من ام نصفها ايرلندي والآخر ويلشي (من ويلز)، كان الوحيد الذي ظل صامتا. لكنه ما أن  هدأ الاطفال حتى سألني: جدو، هل قرأت رواية "مزرعة الحيوانات" Animal Farm. نعم قرأتها وأتذكر كل أحداثها. أجاب بثقة: اني أرى ما حدثتنا به عن العراق اليوم، هو ما حدث في تلك الرواية بالضبط.  "ما ألعنك على هذا التشخيص". هكذا قلت له وأنا اقبله. ثم أعلنت لهم: سأكتب عنكم وعن "مزرعة  الحيوانات" يا ملاعين.للحديث بقية

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram