حازم مبيضينلم يعد أمام العقيد اليمني علي عبد الله صالح, بعد أن فقد ميزة اللعب على الحبال بعد تقطعها, غير الرقص على أصوات الرصاص وهو يلعلع في شوارع صنعاء وتعز, وغيرهما من مدن اليمن, وتمكنت قواته التي تدافع عن شرعيته, التي أسقطها الشارع المسالم, من حصد أرواح حوالي ستين يمنياً, وأكثر من ألف جريح في يومين, في حين يواصل وهو العليل الباحث عن الشفاء في العربية السعودية, حشد تأييد مستحيل ليعود إلى موقعه, أو ليورث الموقع لابنه, الذي يقود اليوم كتائب الحرس الجمهوري, لإطاحة الشعب اليمني كله, ليكون ممكناً لأبيه العودة ظافراً إلى صنعاء, التي لفظته وأعلنت رفضها له ولنظامه المقيت.
صنعاء ساحة حرب لا تهدأ ليلاً ولا نهاراً, وشوارعها تنام على القصف المدفعي الكثيف, وإطلاق نيران المدافع الرشاشة, ويمتنع الأطفال عن الذهاب إلى مدارسهم, بعد سماعهم أصداء الطلقات النارية تتردد, وهم يرتدون زيهم المدرسي في الساعات الأولى من الصباح، والهدنة بين أتباع صالح ومناوئيه ليست أكثر من فترة للاستراحة وإعادة تلقيم البنادق, والمبعوث الخليجي المحرج يلملم أطراف عباءته, ومبعوث الأمم المتحدة يسعى لحماية رأسه من القصف المتبادل, واليمنيون ينتظرون النجاح في التوقيع على المبادرة الخليجية وتفعيلها لحل الأزمة اليمنية. قناصة صالح يتمركزون في الأدوار العليا لمباني صنعاء, وقوات أبنه تشتبك بالمدفعية مع مناوئيه, والمواجهات المسلحة تتنقل في شوارع العاصمة اليمنية كالريح, وأنصار الرئيس العليل يتوقعون النصر على المواطنين العزل خلال 24 ساعة, لا يمكن لأحد توقع أعداد الضحايا الذين سيسقطون خلالها, وغرف العمليات في مستشفيات العاصمة الخمسة تضيق بالجرحى، مع نقص كبير في المعدات الطبية، والمدرعات التابعة لصالح تستهدف سيارات الإسعاف, وتمنعها من نقل المصابين في الشوارع, لكن كل ذلك لم يمنع عشرات الآلاف من المتظاهرين, عن التجمع على امتداد ثلاثة كيلومترات في شوارع صنعاء التي انسحبت منها الشرطة, ولم يمنع آلاف الأشخاص عن التوجه منذ الصباح من ساحة التغيير إلى شارع الزبيري، لينضموا إلى آلاف المحتجين الآخرين الذين قضوا ليلتهم هناك تحت الخيام.ومع كل هذا القتال الذي تفجره قوات صالح, دون الاهتمام بعواقبه, فان نائبه عبد ربه منصور هادي, دعا في حركة تبدو مسرحية أكثر منها فعلية, إلى وقف إطلاق النار بين قوات رئيسه والمعارضين, وأعطى تعليمات مشددة بضرورة التقيد سريعاً بوقف إطلاق النار في العاصمة, وفي حين قالت مصادر حكومية إن القوات الحكومية تقيدت من طرف واحد بهذه التعليمات, فان مصدراً في الحركة الاحتجاجية, شدد على أن قوات اللواء علي محسن الأحمر, المتحالف مع المحتجين تتقيد بوقف إطلاق النار, لإفشال مخططات العصابة التي تسعى إلى التصعيد العسكري. لا يقاتل أنصار صالح لضمان استمراره رئيساً حتى انتهاء ولايته, فهذه مسألة كان يمكن تجاوزها مع تقييد نفوذه وصلاحياته, لكن هؤلاء يستشرسون في الدفاع عن النظام الفاسد الذي بناه العقيد, ورتب فيه تفاصيل انتقال الموقع إلى ابنه من بعده, وهنا يبدو واضحاً سبب إصرار الثوار والمحتجين على إطاحة النظام بمجمله وليس فقط التخلص من الطاغية الذي يمثل رمز هذا النظام, وهنا نستطيع أن نفهم لماذا ما يزال في اليمن من يدافع عن بقاء العقيد رئيساً بعد فقدانه شرعيته الدستورية الشكلية لصالح الشرعية الشعبية الأقوى والأشد تأثيراً ونفوذاً.
في الحدث: وانتهت رقصة الأفاعي فـي اليمن
![](/wp-content/uploads/2024/01/bgdefualt.jpg)
نشر في: 21 سبتمبر, 2011: 08:13 م