بغداد / أكرم عزيزيتمايل ويرقص بحركات تبدو غريبة ، ويغني كلمات أغنية تتحدث عن هموم الشباب واحتياجاتهم ، ويردد غالبا كلمة "البطالة " ، والأغرب من ذلك ملابسه الفضفاضة ، وقبعة "البسبول " التي يضعها على رأسه ، يقول انه " رابير "!
على ما يبدو أن العراق دخل في حلقة موسيقى الراب ، وهو لون من الغناء الشعبي وجدوا فيه وسيلة لطرح مشكلاتهم تحت ظل ما يعانونه من بطالة وافتقار بالوسائل للتعبير عما يجول بخواطرهم.ويعود تاريخ هذا اللون الموسيقي الى مدينة كينغستون بجاميكا بنهاية الستينيات من القرن الماضي، ثم انتشر في "أميركا" في بداية السبعينيات في نيويورك، لينتشر عالمياً كمنتج أميركي منذ التسعينيات. الراب (بالإنجليزية: Rap) أو هو نوع من الغناء وأحد فروع ثقافة الهيب هوب الرئيسة. يمزج بين أداء الراب المختلف وهو لفظ الكلمات دون الالتزام بلحن معين، والإيقاع. في موسيقى الراب يتحدث المؤدون عادة عن أنفسهم، ولكن يستخدم النوع الموسيقي أحياناً في التعبير عن استيائهم وغضبهم من عدم توفير الخدمات أو فرص العمل، وعلى غير ذلك. يمتاز أصحاب هذا النوع من الغناء باللباس الفضفاض الواسع وهذا اللباس مستوحى من لباس رياضة البيسبول،أو لباس المساجين حيث تكون الملابس بمقاسات واسعة. ويتلخص أسلوب الراب ، أولاً بالإيقاع مع الكلام المقفى السريع. وبشكل عام فإن صوت المغني أو المغنية ليس هو المعيار إنما نبضات الموسيقى نفسها وكلمات الأغنية.و نستطيع تعريف الراب بأنه موسيقى غنائية سريعة يقوم مؤديها بترديد (وليس غناء) إيقاعي سريع لكلمات الأغنية المكونة من عدد كبير من القوافي تعالج عدد من مواضيع والتي قد تكون شخصية او اجتماعية او عاطفية او سياسية وغالبا ما تكون مثيرة للجدل ومتحررة إلى حد كبير، فهناك جرأة في استخدام أي لفظ بدون أي تحفظ. وموسيقى الراب تضعنا أمام مسألة تسويق نوع من الموسيقى انفعالي وسريع يغيب فيه البعد الجمالي والفني، فهي ممارسة توظف كلمات سوقية وقدحية لإعلان التمرد ضد الأوضاع الاجتماعية. ويبدو أن تحسن الأوضاع الأمنية في البلاد فتح الأبواب أمام فرق "الراب" لكسر حاجز الخوف والظهور بقوة لاستقطاب أعداد غفيرة من الجماهير.وتستقبل الجماهير فرق "الراب" في بغداد بالصراخ والتصفير والحركات الهستيرية، فهذه الفرق أصبحت تملأ الساحة الغنائية بشكل لا يمكن تجاهله كظاهرة، لدرجة أن قاعة المسرح الوطني بعروض فرق الراب أصبحت مكتظة بالمتفرجين. وتضم هذه الفرق شباباً ليس لدى العديد منهم أي خلفية موسيقية تذكر، وكل ما يشفع لهم حبهم لهذا النمط الذي يقلدونه ويجعلونه أقرب ما يكون إلى اللهجة العامية عن طريق إدماجه بالموسيقى الشعبية.مظهرهم أيضاً يعكس تقليدهم للغرب، فهم يرتدون قمصانا فضفاضة مطبوعاً عليها عبارات تحمل رسائل معينة، وسراويل "جينز" مهلهلة ومتدلية تحت الخصر، وقبعات وسلاسل ذهبية وفضية، بل منهم من يضع أقراطاً بأذنيه. يشير احد أعضاء هذه الفرق المعروف باسم (mager) أحد أعضاء فرقة (groupFM)، الى ان الراب بنظرنا نمط غنائي ينبني أساساً على استعمال كلمات الشارع التي تعبر عن الفئات المقهورة اجتماعياً واقتصادياً. وعن كيفية استطاعتهم التأقلم مع المجتمع العراقي ، يقول نحن كفرقة واجهنا المعارضة في احيان والقبول في احيان اخرى، من قبل من عوائلنا وأصدقائنا ، والاعتراض كان يتركز أساساً على الملابس، موضحاً: أن فرقتنا تعرضت لتهديدات كثيرة من بعض الجهات السياسية. وبيّن: أن أغلب الموضوعات التي نتناولها بأغانينا تتعلق بالحرب ومعاناة العراقيين ونبذ الطائفية، مشيراً إلى أننا نطمح للوصول لكل الشرائح لكننا نجد معارضين كثيرين لأسلوبنا بالغناء.في المقابل، هناك من يعترض على وجودها ، حيث يقول بعض المواطنين بان المشكلة هي أن بعضهم تجاوز الخطوط الحمراء، ولم يتردد باستعمال كلمات نابية بحجة "الواقعية" عند تناولهم الظواهر المشينة بالمجتمع.يقول أستاذ علم الاجتماع بجامعة بغداد عدنان مصطفى" إن انتشار ظاهرة موسيقى الراب في بغداد هي حالة تمثلها مجتمعات الحروب، أو ما يعرف بالمجتمعات المأزومة".وأضاف مصطفى "حين يتهدد حكم القانون وتخرج السلوكيات من عقالها ويكون هناك عدم اكتراث بالضوابط الاجتماعية تعيش المجتمعات بأزمة حقيقية مع السلوكيات الغريبة، وهذا ما ساعد على انتشار هذه الظاهرة" . ويعتقد الأكاديمي بان موجة "الراب" تمثل صورة مصغرة لحالة الضياع التي يعيشها الشباب داخل أوطانهم، وعندما نقول الضياع، نعني بذلك غياب بَوصلة اجتماعية ومشروع مجتمعي قادر على مجابهة التحديات الراهنة في ظل وجود تراكمات الثقافة المعطوبة التي تنخر الجسد العراقي يومياً.
فرق الراب أيضاً.. ضد الطائفية
نشر في: 23 سبتمبر, 2011: 08:15 م