حازم مبيضينوضع الرئيس الأميركي باراك أوباما نفسه وإدارته في مواجهة مع الشعب الفلسطيني، فأي طرف يساند استمرار الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية, سيجد نفسه في موقف المعادي لحق الفلسطينيين في بناء دولتهم, كما أنه وفي خطابه في الأمم المتحدة الأربعاء, وضع نفسه في مواجهة مع العالم, الذي قابل ذلك الخطاب المشين بعدم التأييد, وعلى الرغم من أن واشنطن أيدت كافة الثورات العربية, التي اندلعت خلال العام الماضي، ووصل بها الأمر حد المساهمة عسكرياً في إطاحة العقيد الليبي معمر القذافي, فإن موقفها غير الأخلاقي من القضية الفلسطينية, مبني على خلفية قوة اللوبي الصهيوني, ومدى تأثيره على نتائج الانتخابات, التي نأمل أن تبعد أوباما عن البيت الأبيض, ومعه كل طاقم الإدارة المتصهينين.
أوباما وهو يدعو الفلسطينيين إلى مواصلة التفاوض المباشر مع الإسرائيليين, بدلاً من التوجه إلى مجلس الأمن للحصول على عضوية كاملة في الامم المتحدة، يتجاهل أنهم فاوضوا عشرين عاماً, حتى وصلوا إلى طريق مسدود بسبب تعنت نتنياهو, ومراوغة من سبقه, ويتبجح علناً بتأكيده حرص بلاده على مساندة وحماية إسرائيل, مانحاً الشرعية لاحتلالها للأرض الفلسطينية, وهو يثبت بما لا يدع مجالاً لأي شك, بأن أميركا لا يمكن أن تكون راعياً محايداً لعملية السلام، وهذا ما يحتم على الرئيس الفلسطيني التمسك نهائياً بالتوجه إلى الأمم المتحدة للمطالبة بحق شعبه, وتجاهل موقف واشنطن التي وقفت تاريخياً في صف المعتدي, واستخدمت حق الفيتو 42 مرة لمساندته, وتمكينه من مواصلة عنصريته ضد الفلسطينيين.أوباما الذي أكد في خطابه أنه صهيوني أكثر من الحاخامات المتطرفين, لم يتعلّم درساً واحداً من فصول الظلم الذي وقع على أجداده وهم يستعبدون, ولا تعلّم درساً من القرآن الذي تعبد أجداده على ترانيم آياته, التي تدعو لنصرة الحق ومكافحة الظلم, ولا تعلم شيئاً من الإنجيل الذي يتعبد به اليوم, والواضح أن كل ما تعلمه, هو الأساليب التي تبقيه سيد البيت الأبيض ولو شكلياً, ولو كانت تلك الأساليب تقفز على كل الحقائق والقيم وتزدريها, وهو بخطابه يعرض المصالح الأميركية في المنطقة للخطر, وينقل صراع الفلسطينيين مع إسرائيل إلى صراع لهم مع الولايات المتحدة, ويعطي للمتطرفين فرصة تنمية إرهابهم.بعد عشرين عاماً من التفاوض العبثي, يأتي أوباما ليبشرنا أن لا مجال للطريق المختصرة لإنهاء النزاع بين الفلسطينيين والإسرائيليين, ويعبر عن قناعته بأن السلام لا يمكن ان يأتي عبر بيانات وقرارات في الامم المتحدة, لكنه لم يخجل من دعوة مجلس الأمن إلى التحرك فوراً لفرض عقوبات على سوريا, بسبب ما وصفه بالقمع الذي تواجه به السلطات في هذا البلد الحركة الاحتجاجية المناهضة للنظام, ويسأل بغير براءة, هل علينا ان نتضامن مع السوريين أم مع الذين يقمعونهم, ونسأله نحن بدورنا, هل على واشنطن أن تتضامن مع الفلسطينيين, أم مع الذين يحتلون أرضهم, ونعرف أنه لن يجيب, فالانتخابات على الأبواب, وباب المراوغة مفتوح على مصراعيه, وها هو يطلب منا تصديق أكذوبة قناعته بحق الفلسطينيين في دولة مستقلة, مع أن خطابه المقيت لم يكن أكثر من ترديد ببغاوي لمقولات نتنياهو, وهو ليس أكثر من انصياع كامل للسياسات والروايات والرغبات الإسرائيلية, وهو خطاب يستحق فعلاً وصفه بالتلمودي.
في الحدث: خطاب أوباما التلمودي
![](/wp-content/uploads/2024/01/bgdefualt.jpg)
نشر في: 23 سبتمبر, 2011: 08:59 م