علاء حسن المناخ يقول العراق حار جاف صيفاً بارد ممطر شتاءً، ونحن في أواخر شهر ايلول وهو بداية فصل الخريف، مازال الصيف بحرارته، وجفافه وهمومه ومتاعبه يأبى المغادرة، حتى جعلنا لا نصدق ما جاء في الدرس الاول من مادة الجغرافية بان فصول السنة اربعة الشتاء فالربيع والصيف ثم الخريف، وهذه المعلومة تصح في اماكن اخرى، اما في العراق فمناخه صيف طويل وشتاء قصير مع احتمال توفر فرصة سقوط امطار، كما تقول نشرات الاحوال الجوية.
هناك من يعتقد بأن تأثير المناخ ينعكس على الاوضاع الاجتماعية والسياسية، والبلدان ذات درجات الحرارة المرتفعة، اغلبها متخلفة ومعرضة اكثر من غيرها لتشهد نزاعات وصراعات وربما حروبا اهلية، وتعاني تدهورا اقتصاديا، وشعوبها تلجأ الى نوم الظهيرة اذا ما توفر التيار الكهربائي، لتعوّض ما فقدته في الليالي نتيجة الأرق وغزوات وصولات البعوض والحرمس، وتداول الاخبار المزعجة!الدول المجاورة للعراق والمرتبطة به بعلاقات متينة وراسخة بفعل عوامل مناخية، من هذه الناحية فقط، وفرّت لشعوبها سبل مواجهة ارتفاع درجات الحرارة باستقرار التيار الكهربائي، وأجهزة التكييف المركزي داخل الدوائر الرسمية والمنازل والمركبات وحتى في الحمامات، وسهّلت لمواطنيها السفر الى خارج البلاد للاستجمام، والهروب من درجات الحرارة المرتفعة جدا، ثم العودة بعد انخفاضها.قبل عشرات السنين كان العراقيون يتوجهون الى مصايف لبنان ودول اوروبا الشرقية خلال فصل الصيف، وفقدوا هذه النعمة بعد ان عاشت البلاد فصولا طوالا من الصراعات السياسية، فاصبح السفر الى الخارج امنية صعبة المنال، لا تتحقق إلا بموافقة اجهزة الأمن والمخابرات وبأمر من رئيس الجمهورية وقتذاك، ولهذا فان اكثر العراقيين لم يركبوا الطائرة وانا احدهم.. وفي نهاية عام 2004 كلفني مدير مؤسستي الإعلامية يومذاك الاعلامي عماد الخفاجي بتغطية حفل تخرج اول دفعة من الضباط العراقيين الذين تلقوا تدريباتهم في الاكاديمية العسكرية الملكية الاردنية، وكان الوفد العراقي برئاسة عضو مجلس الحكم، سفيرنا الحالي في واشنطن سمير الصميدعي، كانت سعادتي كبيرة جدا بالسفر جوا الى عمان وركوب الطائرة للمرة الاولى في حياتي، وبقدر سعادتي اصبت بخيبة امل كبيرة، عندما اقلتنا طائرة عسكرية لا تختلف عن شاحنة "الايفا " المستخدمة سابقا في الجيش، واثناء الرحلة التي استمرت اكثر من ساعتين حاولت الوصول الى نافذة بعيدة لغرض الاطلاع ومشاهدة الارض من السماء ولكن منعني عسكري من التحرك، فأعادني الى تلك الايام حينما كنت راكبا "الايفا" وهي تنقلني من الدبيسات في محافظة ميسان الى قاطع" الفكة "، وما خرجت به من سفرتي الخائبة تلك شعوري بأن صيفنا يختلف عما هو في الاردن، فترسخت لديّ قناعة اكيدة بتأثير المناخ في الحياة السياسية. على العراقيين ان ينتظروا حلول فصل الشتاء القصير لحسم كل الخلافات بين الاطراف المشاركة في الحكومة، ومع احتمال زخات المطر يمكن ان تترطب القلوب والنيات ويلتفت المسؤولون والسياسيون لمطالب الشعب، ومن المفيد جدا ارجاء بحث الملفات الساخنة في أجواء انخفاض درجات الحرارة.
نص ردن: نار يا صيف
![](/wp-content/uploads/2024/01/bgdefualt.jpg)
نشر في: 23 سبتمبر, 2011: 09:13 م