TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > في الحدث :عودة غير ميمونة

في الحدث :عودة غير ميمونة

نشر في: 25 سبتمبر, 2011: 09:39 م

 حازم مبيضين مثل لصوص الفجر, وهو المعتاد على ذلك, عاد العقيد اليمني علي عبد الله صالح إلى صنعاء متسللاً, في خطوة يرى كافة المراقبين أنها ستؤجج العنف, وقد سبقتها تحركات عسكرية لأنصاره, استهدفت المحتجين سلمياً على حكمه, وأسفرت عن أكثر من 200 قتيل, وبما ينذر بتحول الاحتجاجات الشعبية إلى حرب أهلية طاحنة. ورغم زعمه أنه عائد وهو يحمل غصن الزيتون ويدعو إلى وقف للنار, فإن المعارك اندلعت مجدداً, وشنت القوات الموالية له هجمات متكررة,
استهدفت الشبان المحتجين المعتصمين في ساحة التغيير, وليس سراً أن العقيد العليل يظن بأن وضع قواته شهد تحسناً خلال الايام الماضية، وبما يسمح له بترتيب الحسم العسكري, كما أنه ليس سراً أن الوضع الإقليمي لم ينضج بما فيه الكفاية, لإنهاء حكمه المستمر قسراً منذ أكثر من ثلاثة عقود. مؤكد أن عودته  ليست أكثر من محاولة لتعقيد العملية السياسية التي كانت على وشك الانطلاق خلال أيام, وليس صحيحاً القول إنه شعر بضرورة التغيير, وأنه عاد لاستكمال عملية نقل السلطة, خاصة وأنه بمراوغاته المستمرة, رفض منح نائبه عبد ربه منصور هادي صلاحيات التوقيع على المبادرة الخليجية, التي تنص على نقل السلطة إلى المعارضة, رغم خطوته الشكلية غير المنتجة بتفويض هادي التفاوض مع المعارضة, حول نقل السلطة تبعا للمبادرة الخليجية، ومع أن الرجل موضع إجماع, لكنه لا يسيطر على مقاليد الأمور، في ظل تركز القيادة العسكرية والأمنية بيد ابن الرئيس وقائد حرسه, والمقربين من أفراد العائلة.صحيح أن الاحداث الأخيرة في اليمن, أفسحت المجال واسعاً لتدخل القوى الإقليمية والدولية، لكن المؤكد عند كل ذي بصيرة أن عودة صالح لن تسهم في تحريك الأوضاع, وهو غير قادر مطلقاً على أن يعيد الثقة لأطراف العملية السياسية، أو محاورة الآخرين على أسس واضحة يلتزم بها الجميع، ليتمكن اليمن من تجاوزأكبر محنة يواجهها بعد الحرب الأهلية الأولى, التي تقاتل فيها الجمهوريون مع الإماميين، وتدخلت فيها عسكرياً كافة القوى الإقليمية, والثانية التي كانت سياسات صالح تجاه جنوب البلاد أشعلتها, وأججت أوارها, وتركت جرحاً عميقاً غائراً بين الجنوبيين وصنعاء.لن نصدق أبداً أن صالح عائد لإنهاء الأزمة, التي هو عنوانها ومادتها الأساس, وعودته التي لم تكن متوقعة ولا مرغوبة, لاتبشر بأي انفراج, ذلك أنه لو أراد إنهاء الأزمة, لفعل ذلك وهو في ضيافة السعوديين, الذين كنا نراهن على أن نفوذهم سيجبره على توقيع المبادرة الخليجية, وليس مفهوماً حتى اللحظة سبب سماحهم له بالمغادرة, إلا إن كان وجوده محرجاً, بسبب تأثير ذلك التواجد على قوة النفوذ السعودي في اليمن, ولسنا مع الرأي القائل إن هناك حدوداً لإمكانية تدخل السعودية في اليمن، التي يبدو انها اختارت عدم فرض حلولها.مع العودة غير الميمونة للعقيد إلى اليمن, فان الاوضاع ذاهبة باتجاه التفجير, إذ أن الجماهير ستصعد من احتجاجاتها, وبالمقابل فإن الآلة العسكرية المرتبطة بنظامه ستصعد من عمليات القمع, وعودته لاتؤشر لغير الحرب الأهلية, وإذا كان البعض يخشى عليه مصير مبارك أو القذافي, فإن تمسكه بالسلطة هو الذي سيقوده إلى مصير أسوأ, ولو كان عاقلاً لبقي في ضيافة السعوديين, وإذا كان البعض يروج أنه يستهدف التأثير في مجريات الاحداث, مع التنازل عن العودة إلى القصر الرئاسي, فانهم مخطؤون, لأن الطريق الوحيدة لحل الأزمة تكمن في التوصل إلى تسوية، لم يعد ممكناً أن تتم بوجوده أو جهوده.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram