TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > كتابة على الحيطان :الاختطاف الأنيق.. سيارة إسعاف

كتابة على الحيطان :الاختطاف الأنيق.. سيارة إسعاف

نشر في: 26 سبتمبر, 2011: 08:29 م

 عامر القيسي الاختطاف السياسي عادة ما يكون بسيارات سريعة ومظللة ومعروفة لدى الجمهور في أغلب الأحيان في الأنظمة الاستبدادية نتيجة خبرة الجمهور وحدسهم من وجوه الراكبين ومن تناقل حالات خطف متنوعة تتداول شفاها،ومن هذا التداول وصف سيارة الأمن ووجوه راكبيها ،
وعلى ما أذكر فقد كانت سيارات الأمن في السبعينات في العراق هي " الفولكس واكن" الألمانية، والتي يسميها الناس بـ " الركة  " تشبيها بالسلحفاة، وكنت قد صدمت إحداها عندما كنت مراهقا أقود سيارة والدي خلسة، وقد لحقت بي " الفولكس واكن " حتى ادركتني، ويومها شبعت منهم ضربا وركلا حتى أنقذتني منهم امرأة، شاءت الصدف أنها تعرفنا عائليا، ومنذ ذلك اليوم حتى اللحظة لا أستطيع أن أنسى ضربهم المبرح لي، وتطور نوع سيارات الأمن مع تطور الأجهزة، فكانت سيارات الـ " لاندكروز " المخيفة في شوارعنا إبان الثمانينات، ثم الـ" مارسيدس " المظللة ". قلنا إنا نسينا أو تناسينا رعب مثل هذه السيارات، لكننا في عهد العراق الجديد ولأن أجهزة أمننا لاتريد أن تكررمآسي الدكتاتوريات فقد تفتق ذهنها الإبداعي عن نوع من السيارات التي لاتثير الشبهة أولاً وتتمتع بتعاطف الناس معها فيفسحون لها الطريق لتنجز مهامها، إنها سيارة الإسعاف، وربما هذا اختراع سلطوي عراقي، تيمناً باختراعاتنا الأولى في العلم والمعرفة والقانون.و حسب الذي نعرفه فان سيارات الإسعاف لدينا استعملت للمرة الثانية في اختطاف  ناشطين مدنيين  وسياسيين من ساحة التحرير وحواليها. في بداية احتجاجات ساحة التحرير في المرّة الأولى وفي الجمعة الماضية المرّة الثانية، عندما اختطفت أجهزة الأمن الناشطة سناء الدليمي من تحت نصب الحرية. برافو!! لن نتحدث عما تعرضت له الدليمي، لكننا بدأنا نشعر بالاطمئنان إلى أن نقل الناشطين واختطافهم لن يتم بعد الآن بصورة وحشية وبشعة كما كان يحصل في النظام الصدامي! لدينا الآن سادتي سيارات تليق بكرامتنا العراقية لأن رجال الأمن لن يضطروا إلى عصب  عيوننا أو حنينا بقوة حتى أسفل المقعد الخلفي في ظروف غير إنسانية. وهذه تسجل لقواتنا الأمنية في التزامها بكامل شروط ومبادئ حقوق الإنسان. نعم هي وسيلة لاتتيح للخبثاء في منظمات العدل والعفو وحقوق الإنسان العالمية لأن ترمي بسهامها على انتهاكات حكومتنا حقوق الإنسان، إنها توفر لهم النقل اللائق، فالمختطف سيتمدد على ظهره، وهي وضعية مريحة إذا ما قيست بـ " الركة" و" الدفع الرباعي " هناك إذن متسع للراحة والاسترخاء قبل الوصول إلى المكان الذي لايعرفه غير أولي الألباب! ليس امامنا امام هذا المنجز الا ان نصفق لصاحب هذه الفكرة العبقرية والنادرة التي ستشجعنا على الذهاب الى ساحة التحرير، التي ربما نكون من ركاب سيارة الاسعاف المزودة بكافة وسائل اسعافنا ان اصبنا أو صرخنا من آلامنا اليومية المتنوعة.شكرا لان الحكومة ادركت اخيرة اننا بحاجة الى سيارة اسعاف انيقة تنسينا للحظات ان الحكومة بحاجة الى الف سيارة اسعاف!!

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram