عالية طالب مواقع الكترونية كثيرة أنشئت مستفيدة من منجز الشبكة العنكبوتية، أصبحت مجالا رحبا لظهور أسماء عديدة، والتواصل المعرفي والحضاري، وساهمت في الوصول إلى المعلومة بأسرع وقت وأقل كلفة ، وبات الحوار " الهادف " حصيلة ثقافية وأدبية يتابعها المهتم والهاوي والمحترف من دون كلل . فهل قدمت تلك المواقع فعلا ما نصبوا إليه أو أنها تسهم أحيانا، ولا أقول غالبا في انحدار الذوق العام، وتبني الاستخدام السيئ للغة وللمفردات،
وخلق الأزمات السياسية المتتالية ؟. هذا السؤال بات هاجسا حقيقيا يقفز فوق العناوين المنشورة، التي تستدرج القارئ أحيانا إلى متن الكلام، وأحيانا تجعله ينفر منه، لكنه إن فعل وفتح النص، فسيجد انه قد خُدع تماما، وانه لم يعد أمام موقع للثقافة والفكر والأدب، بل في سوق للمنابزات والشتائم والألفاظ النابية، وكأنه أمام قاموس يحتوي على أقذع الصفات وأدناها استخداما.قذائف كلامية و قنابر لا تنور لا العقل ولا الضمير، ومناوشات وألفاظ واستخدامات للغة تجعلنا نتراجع عن المتابعة بعد ان يصل الأمر إلى عرض فضائح واتهامات أخلاقية، وسباب علني، لمجرد ان هناك من بدأ اللعبة التافهة، لذا علينا أن ننجر وراءه، ونعرض ما يحتويه قاموسنا، وخزيننا من ألفاظ اشد هبوطا منه، وكأننا في سباق لمن يحوز المرتبة الأدنى عن غيره ، وأتعجب من كل هذا الحقد الكامن الذي ما زال يسكن قول بعض من أصحاب الأسماء المعلنة والزائفة ممن حرصوا على ان تسبق أسماءهم الدال – الدالة على الشهادة الأكاديمية ، فإذا بنا نكتشف أنها " دال " تؤشر ان طارح الرأي السلبي، والذي رد عليه في موقع واحد من الاستخدام المتردي للأفكار واللغة والتناول والإسفاف .كلنا نعرف أن باستطاعتنا استخدام الألفاظ المستهجنة اجتماعيا وأخلاقيا، لكننا نعرف أننا لن نستخدمها يوما لأنها تتقاطع مع ثقافتنا وتحضرنا، ومكانتنا المعرفية، التي تؤكد أن المثقفين هم القدوة المتميزة لأية مجتمعات ، وعليهم وليس على غيرهم العمل الدؤوب لتطويره وتثقيفه، والإمساك بيده وتوجيهه ليكون فعلا المنارة التي يهتدي بها الآخرون ، فأي اهتداء سنقدمه للآخر، ونحن نتنابز بالألفاظ، وكأننا في ساحة قتال سياسي وعسكري ، نسعى فيه لتسقيط بعضنا بتهم جاهزة ومستوردة ومنتجة محليا، وكأن السياسة هي لعبة التدني، وليس الارتقاء بخلق مجتمعات جديدة ومتحضرة فكريا وأيديولوجيا ومنهجيا . دعوة خالصة لكي ترتقي تلك المواقع عن نشر هذه " الترهات " التي تسيء بجدارة للقارئ والكاتب وللموقع ، وهي تعمل على منهج سحب المجتمع المبتلى بأزماته المتعددة إلى أزمات جديدة ستكرس ثقافة العنف والتدني الأخلاقي، والسلوك المرفوض والنهج الأعوج، والهتاف التافه، والكلام البذيء ، وكل هذه الصفات ستسهم في إذكاء بؤر التخلف التي تزداد اتساعا في مجتمعاتنا لأسباب قد لا تبدو واضحة الآن، لكنها تبقى أسبابا تسعى إليها اللعبة السياسية السلبية، ولا ترتقي بالفكر السياسي، ولا الاجتماعي، ولا لفكرة بناء إنسان سليم يعرف أين يضع أولوياته في ركن الوطن والوطنية الحقة .
وقفة :مثقفو النت واختلاق الأزمات السياسية
![](/wp-content/uploads/2024/01/bgdefualt.jpg)
نشر في: 26 سبتمبر, 2011: 10:01 م