عبد الله السكوتيفي كتاب «افواه الزمن» للكاتب ادواردو غاليانو والصادر عن دار المدى للثقافة والنشر بترجمة صالح علماني، بضعة اسطر تحت عنوان الذاكرة المحروقة ، حيث قال الكاتب في العام 1499 في غرناطة القى الاسقف (ثيسينيروس) الى النار الكتب التي تتحدث عن ثمانية قرون من الثقافة الاسلامية في اسبانيا، وفي العام 1562 في يوكاتان ارسل الراهب ( دييغوديلاندا) الى المحارق ثمانية قرون من آداب المايا.
ويستطرد الكاتب ذاكرا العام (2003) عندما بدأت القوات الاميركية احتلالها العراق طوق المنتصرون بالدبابات والجنود آبار النفط واحتياطيات النفط ووزارة النفط، وكان الجنود بالمقابل ينظرون باتجاه آخر، عندما افرغت كل المتاحف، وسرقت كتب الواح الطين المشوي التي تروي اولى الاساطير، واولى القصص واولى الشرائع المكتوبة في العالم.rnوبعد ذلك مباشرة، والكلام مايزال للكاتب، احرقت الكتب الورقية، حيث اشتعلت مكتبة بغداد الوطنية، وتحول اكثر من نصف مليون كتاب الى رماد، كثير من اول الكتب المطبوعة باللغة العربية ولغات اخرى ماتت هناك.rnهذا الذي حدث في حين ان دولا اخرى كثيرة طالبت وتطالب بتعويضات عن حرق معارض للسيارات في زمن النظام السابق وغير ذلك من امور يمكن تعويضها وشراء بديل لها ببساطة.rnلكننا نصمت عن حرق تاريخنا وتراثنا الكبير، من يعيد الى العراق مكتبة بغداد الوطنية؟ حتى ان دولت المسألة واتهمنا دول الجوار ، ماذا سنجني بهذه التهمة؟ والغريب في الامر ان بعض هذه الدول مازالت تطالب بتعويضات.rnوهل نصدق نحن ان الهم الاول كان افراغ العراق من محتواه الثقافي والحضاري الممتد الى قرون عديدة ؟ لا اصدق ان عراقيا واحدا، كان وراء حرق ثروة العراق الفكرية في مرحلة الحواسم التي زج فيها الفقراء والبسطاء عنوة، اما المافيات المنتمية الى دول وافكار متعددة فتلك كانت تخطط للامر قبل وقوع الكارثة.rnفي هذه المرحلة التي بدأ فيها العراق يطرق ابواب المحاكم الدولية ليطالب بالمسؤولين عن التفجيرات الارهابية ، سعيا منه الى تحجيم دور هذه الجماعات وتطويق عملياتها، على وزارة الثقافة ان تعيد ترتيب اوراقها لكشف الواقفين وراء حرق تراث العراق، ولتطرح الصمت جانبا ً فحتى الان لم نر وزارة يستهويها الصمت مثل هذه الوزارة التي ينبغي عليها العمل من اجل اعادة ترميم بيت العراق الثقافي وان تبحث بجد عن المخطوطات النفيسة حتى وان اضطرت الى شرائها من تلك المجاميع ونحن على يقين ان اعدادا كبيرة من النفائس لم تزل في العراق ، ومن ثم عليها مفاتحة الدول المجاورة لارجاع ما سرقته من تلك النفائس.rnضحك زميلي عبد الرزاق حين قلت له ان الحروب في اكثرها حروب حضارية أي يتم من خلالها استهداف الحضارة، لم يصدق ما اقول بل استخف بعقلي وقال ان الامر اكثر بعدا من هذا وان حضارة العراق وتراثه الفكري لايعنيان احدا.rnببساطة شديدة لو استعرضنا ما سرق وما احترق سنرى المتحف الوطني ، المكتبة الوطنية ، دار المخطوطات ومرافق فنية وتراثية اخرى.rnان اميركا وقبل احتلالها العراق اجرت عدة دراسات عن ثروات العراق، عن طعام العراقيين، واجزم انها كانت تعلم كم مرة يذهب العراقي الى الحمام في اليوم، فهل من المعقول انها تجهل اماكن مهمة مثل هذه الاماكن.المطلوب علينا ان نثير هذا الموضوع من جديد علنا نحصل على بعض ماسرق ولنخرس السنة البعض التي تطالب بتعويضات ، واهم مافي الامر اننا بدأنا طريقا ويجب ان ننهيه، ولنبتسم في وجوه البعض كي نسرق لذة انتصارهم الزائف.
هواء في شبك: ذاكرة العراق المحروقة
نشر في: 26 سبتمبر, 2009: 02:02 ص