TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > منطقة محررة :لـمـحـاويـــل..

منطقة محررة :لـمـحـاويـــل..

نشر في: 27 سبتمبر, 2011: 06:18 م

 نجم والي 2-2 وكما يبدو بدت  طريقته تلك بالتعذيب غير مقنعة، "إنسانية جداً"، بالنسبة لنقيب آخر، اسمه حيدر كريدي، كان ينتظر وراثته على تسلم شؤون أمن الكتيبة، فاستغل ذهابه بإجازة شهرية، ليرسلنا في بداية شباط 1980 إلى سجن مديرية الاستخبارات العسكرية في وزارة الدفاع، في بغداد (تبين لنا لاحقاً أن السجن هذا ملحق ببناية الجامع الكائن في باب المعظم خلف قاعة الشعب والذي كنا نمرّ به يومياً قادمين من كلية الآداب دون أن ندري!!).
هناك تعرفنا، نحن "العظماء" السبعة (عدنان منشد، أسعد عبد، وليد..لذكر البعض)، كما أطلقنا على أنفسنا، طرق التعذيب "الحديثة" جداً، والتي تبدأ يومياً مع آذان الفجر!معسكر المحاويل، لا يقع في "بابلون" كما وصفته وكالات الأنباء العالمية، عندما تحدثت عن المقابر الجماعية التي دُفن فيها الآلاف من البشر، الذين كان ذنبهم الوحيد، أنهم لا ينتمون للحزب القائد، حزب البعث العربي الاشتراكي، أو للعِرق الذي انتمي إليه المقبور سفّاح بغداد الأول، وبطل "العُربان"، بل بينه وبينها عشرون كيلومتراً تقريباً، وفي تلك المساحة، وخاصة الجهة الغربية منه، حيث كان موقع كتيبة بطارية الصواريخ، اكتظ المعسكر بالكلاب السائبة.مشهد غريب: مئات الكلاب السائبة، الشرسة، لا تشبه أشكالها الذئاب فقط، إنما أنيابها أيضاً؛ صحيح أنني سمعت عواءها الجائع، في الأيام التي كان عليّ فيها المبيت في الكتيبة، بسبب الواجبات، أو الإنذار ومنع الجنود من مغادرة المعسكر، كما حصل لنا في أيام المناسبات الدينية الخاصة بالشيعة، إلا أنني لم أرها وجهاً لوجه. الصورة التي شكلتها عنها، لها علاقة بعوائها الشره، والقصص التي تناقلها الجنود عنها  (القدماء بالخدمة خاصة) وعن عظام بشرية تجلبها، لا أحد يعرف من أين، لكن مهما كانت تلك الصورة، فإنها ستختلف تماماً عن الصورة التي طبعت في ذهني، منذ أن وجدتني أمام الكلاب وجهاً وجهاً.وعندما صعدت في سيارة القمامة، لأهرب مبكراً من المعسكر، ولكن هذه المرة من جهته الغربية، لسهولة الهروب من هذه الجهة في النهار؛ سائق السيارة حذرني من الكلاب. غير المهم ما قاله، أياً كان، لم أعره الكثير من الاهتمام، تصورت أنه يبالغ لاغير. كان عليّ أن أقف بمواجهتها: كان من الصعب عليّ إحصاؤها، عشرات الكلاب طوقتني، مثلما طوقني الضباط في ساحة العرضات، ومثلما طوقني الجلادون في بناية مديرية الاستخبارات في وزارة الدفاع في بغداد معصوب العينين، عشرات الكلاب، أنيابها مفتوحة.31 عاماً مرت على معسكر المحاويل، وأربع سنوات مرت على تبديل سكناي الأخير، لم أعرف أنني، قبل أسبوع، وبينما أصفي بعض الأوراق القديمة، ستقع عيناي من جديد على دفتر الحدمة العسكرية، لأتذكر معسكر المحاويل..الضباط البعثيين: شاكر عبود علي، حيدر كريدي، قاسم الحلو....والكلاب.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram