TOP

جريدة المدى > ملحق منارات > شعر الماغوط قبل خمسة عقود إستدراج الخارجي إلى الداخل

شعر الماغوط قبل خمسة عقود إستدراج الخارجي إلى الداخل

نشر في: 26 سبتمبر, 2009: 02:07 ص

بشير حاجمعام 1968، رأي غالي شكري ، وهو يؤشر اتجاه السهم لحركة الشعر الحديث(1)، ان اطلاق تسمية (قصيدة النثر)، آنذاك ، كان آخر رواسب الحس الكلاسيكي في الحركة التجديدية الحديثة للشعر العربي .ذلك الرأي ، المسؤول طبعا ، لم يكن سوي ايضاح اولي ، مبدئي ، كان لابد له ، لشكري ، ان يبدأ به ، ومنه ، حتي يتلوه ببقية اوجه الاختلاف ، الذي كان اختلافا ، بينه وبين دعاة تلك القصيدة .
من اولاء الدعاة ، كما وصفهم يومها ، كان شكري ، محملا اياهم مسؤولية اساءة التسمية - قصيدة النثر - اليهم ، قد لاحق اربعة : انسي الحاج / توفيق صايغ / جبرا ابراهيم جبرا/ محمد الماغوط(2).rnفالأول ، لا شك عنده ، كان من اولئك ، الشعراء ، الذين اختاروا (التجاوز والتخطي) احتجاجا مذعورا علي حضارتنا . لكن التجارب الأولي لأنسي الحاج(3) ، وهو يختار ذينك الاحتجاجين المذعورين، لم تصل الي درجة - ما - من التكامل الاّ في (احدث ما كتب ).(4) ولعل بعض قصائد ألـ ( احدث ) ذاك ،كانت ،تؤكد ثبات الحاج علي جوهر اتجاه ذلك الاختيار في (لالتحام العميق الحر) باحدث منجزات ( التكتيك الشعري الاوربي ). rnداخل اطار ذلك الاتجاه ، ذاته ، كان شعر توفيق صايغ(5) . غير ان ((التجاوز والتخطي )) لديه ، يقول شكري ، اذا كانا مطلقا جديدا ، اّخر ، فليس هو ، هذا المطلق : الجديد / الاخر ، في الشعر ، لا ، انما في الحياة 0 أي ان هنالك، تحصيل حاصل ، مايمكن تسميته بالوحدة في شعر صايغ ، تجاوزا ، لا بين الشكل والمضمون ، فهذه قضية بائرة ، بل بين طبيعة الرؤيا _ ؟ !- ومختلف العناصر المكونة لها، للطبيعة ام للرؤيا؟!، من ادوات اللغة والفكر. rnكذلك جبرا ابراهيم جبرا (6) ، يؤكد شكري ، هو - الاخر - احد ابناء الاتجاه نحو (التجاوز والتخطي). لكنه ليس كصايغ ، مثلا، يتجاوز ازمته ، بهجرانها نهائيا ، ويتبني (حالة جديدة) ، اخري ، تتفق مع ثقافته - العقلية - وتكوينه النفسي . جبرا ارقته المشكلة ، طويلا، وتعذب من اجلها ، عذابا مريرا ، فلم يجد مناصا من ترسيخ احدي قدميه في تربة ( التخلف الرهيب) ، ما وجد أي مناص من ذلك ، علي ، كما قال شكري ، ان يثبت القدم الاخري في تربة ( التقدم العظيم ) بيد ان شاعرا واحدا - فقط - من شعراء (التجاوز والتخطي) ، اولئك ، كان ، بحسب ?كري ، قد استطاع ، في (غيبوبة الاندماج السحري القريبة من مادة الحلم ) ، ان يستدرج العالم الخارجي الى داخله 0 ذاك هو محمد الماغوط ، لاسواه ، اذ يلغي كافة النسب الحرفية للواقع ،من ناحية ، ويستغل اقصي درجات الحرية ، المطلقة ، التي يتمتع بها الحلم ، مادة او كمادة ، من اخري(7) 0 فبتشابك الواقع والحلم في تجاربه ، بدءا من ديوانه الاول(8) ، امكن للماغوط، اوتمكن من ، ان يخط لشعره اتجاها خاصا ضمن تيارات (التجاوز والتخطي ) ، حينذاك ، وهو ، ذلك الاتجاه الخاص ، الذي ارسي معالمه سان جون بيرس(9) . لقد نجح في امتصاص قدراته?(العامة) ، لا في تعريبه ، مع تضمينها بمدلولات جديدة ، حديثة ، تتفق وطبيعة الارض ، التربة ، التي يقف عليها، متجاوزا ومتخطيا ، يحيطه ( ميدان الصراع في الشعر العربي الحديث ) ، قبل (47 ) عاما، وان كان ذلك الميدان ، يومذاك ، يتجلي عن هروب شعراء التجاوز والتخطي ) .rnتوضيحات rn(1) ابتداء من ( شعر العامية المصرية وتأصيله ) انتهاء الي ( القصيدة الطويلة وتبلور البنية الدرامية حتي ظهور المسرح الشعري الجديد )..انظر:شعرنا الحديث ...الي اين ؟ ، دار الافاق الجديدة - بيروت ، ط1 / 1968 ، الفصل الثالث rn(2) الغريب ان غالي شكر ي، آنذاك ، انتقد ان ( تكتفي خالدة - سعيد - بملاحقة المجموعات الشعرية الجديدة ) لبضعة شعراء - عرب - احدهم محمد الماغوط !!! ينظر المصدر السابق - نفسه - ص 142 تحديدا .. وتراجع ( خالدة سعيد : البحث عن الجذور ، دار مجلة شـعر - بيروت ، ط1 / 1960). rn(3) في ديوانيه (أ) لن ، دار مجلة شعر - بيروت ، ط1 /1960 (ب) الراس المقطوع ،دار مجلة شعر - بيروت، ط 1 / 1963 rn(4) هو ، حينذاك ، ديوانه : ماضي الايام الآتية ، المكتبة العصرية -بيروت ، ط1/ 1965 rn(5) دواوينه : (أ) ثلاثون قصيدة ، دار الشرق الجديد - بيروت ، ط1 /1954 (ب) القصيدة ك ، دار مجلة شعر -بيروت ،ط1/ 1960 (ج) معلقة توفيق صايغ، المؤسسة الوطنية - بيروت، ط 1/ 1963rn(6) ديواناه : (أ) تموز في المدينة ، دار مجلة شعر - بيروت ، ط1/ 1959 (ب) المدار المغلق ، المؤسسة الوطنية -بيروت ، ط1/ 1964 rn(7) من حيث الشكل ، فضلا عن المضمون ، يستخدم الماغوط ، مما يستخدمه ، مبدأ ( التواتر ) ، مثلا، لكي يحقق (الالغاء) و (الاستغلال ) هذين .. و(التواتر) ، تعريفا ، هو ضرب من الايقاع الداخلي ، الباطني ، تنحو فيه القصيدة الي الاستدارة ، جزئيا او كليا ، وتخضع حركتها الداخلية للتداعي الصوري 00 ينظر ، هنا ، الياس خوري : دراسات في نقد الشعر ، مؤسسة الابحاث العربية - بيروت ، ط3/ 1986 ،ص 168 .. ويقــول حاتم الصكر ان كثيرا من شــــــعر الماغوط ( ينضوي تحت هذا الاتجاه ).. انظر : ما لا تؤديه الصـــــفة - المقتربات اللسانية ?الاسلوبية والشعرية ، دار كتابات -بيروت، ط1/ 1993 ، ص 37 rn(8) حزن في ضوء القمر ، دار مجلة شعر - بيروت ، ط1/ 1959 rn(9) سوزان بيرنار : قصيدة النثر - من بودلير الي ايامنا ، ترجمة / زهير مجيد مغام

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

برتولت بريخت والمسرح العراقي

برتولت بريخت والمسرح العراقي

د. عادل حبه في الاسابيع الاخيرة وحتى 21 من أيار الجاري ولاول مرة منذ عام 1947 ، تعرض على مسرح السينما في واشنطن مسرحية "المتحدثون الصامتون"، وهي احدى مسرحيات الشاعر والكاتب المسرحي الالماني برتولت...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram