قيس قاسم العجرش لأننا فقدنا معايير القياس منذ زمن ، تتبع الحكومة اليوم طريقة لتقييم المنجز تتضمن ببساطة قياس حجم ما صرف من أموال بخصوص المشروع المعني وهي طريقة أقل ما يقال عنها إنها مضحكة تستهزئ بعقول الناس. قبل أربعة أعوام سألت مسؤولا ًفي وزارة التجارة عن نسبة توزيع مفردات البطاقة التموينية فقال بثقة مطلقة إنها تقارب 93%.
سألته ببراءة صحفي ! . كيف تم احتساب هذه النسبة ،على الأساس الوزني أم العددي لعدد المفردات ؟ فأجاب بعد لحظة تفرّس في وجهي ، " لا طبعاً نحن نتعامل مع الأوزان " . المضحك هنا مرّة أخرى إن المسؤول حسب أن الطحين وهو المادة الأثقل يساوي 67% من مجموع البطاقة "الوزنية"، وكان حرياً به أن يقول إنه مادة واحدة من ضمن أربع عشرة مادة ملزمة الوزارة بتجهيزها أو أكثر من ذلك.هذه الطرق في "فهلوة" المعلومة في التعامل مع المواطن أفلحت في إزكام الوسط الخبري والإعلامي بسيل من الأخبار والتصريحات واليوم نحن إزاء حال مماثل مع الإعلان عن الأرقام النووية والانفجارية للموازنة العامة للسنة المقبلة .المليارات كانت تتقاذفها الأخبار كأنها كرات لعب ، ومع ذلك فقد ظهرت كلمة "عجز" في موارد الميزانية بما يغطي مبلغ عشرين مليار دولار ستسدد من المدور من باقي مشاريع هذا العام التي لم تنجز .وطبعاً لم نسمع بجردةٍ عن هذه المشاريع وأسباب عدم الإنجاز أو من يتحمل بالضبط مسؤولية هدر عام من عمر الناس فاتت فيه فرص التنمية التي لا تنتظر أحداً في هذا العالم المتسارع .الحرق قد بدأ ، ستُصرف الأموال وتُبعثر قبل نهاية العام كي تقول الأجهزة الحكومية إنها "أنجزت "نسباً متقدمة ، وهي فعلاً قد أنجزت طالما إن معيار الاحتساب مشابه لمعيار المسؤول في وزارة التجارة الذي وصلني خبر قبل أيام أنه يقبع في سجن ما .سعداء جداً بزج المفسدين بالسجون ، لكننا سنكون أكثر سعادة حتما ًلو كان قد زجَّ بهم في السجن قبل أن يشفطوا المليارات ويفوتوا الفرصة على الناس أن ترى نتائج التغيير.سعداء جداً أن ينفذ القانون بحق من أساء منهم لكننا سنكون مختنقين بغصة إننا ما زلنا لا نعرف من هو المسيء بشخصه وعظامه ومازال الكبار يتحدثون عن حرب الأشباح بالضد من الفساد الموجود فعلاً بلا مفسدين نشخصهم .مشاريع الشفط العالي الكثافة بدأت منذ أن قاربت السنة المالية على الغلق وسيجتهد"الشافطون "في ابتكار أعلى تقنيات الشفط السريع من أجل أن تتم العملية بنجاح مع دقائق السنة الأخيرة ..ونقول كل ميزانية والعراق بخير وكل ميزانية والعجزأعظم والمبالغ أكبر ...إلا صورة شارعنا وأسلاكه المتدلية بالمئات ستبقى كما هي ..وسيبقى هذا الشارع رمزاً للجو اللطيف في الشتاء ما لم تمطر السماء لربع ساعة فيتحول إلى بحيرة للأسماك!
تحت الضغط العالي :ربع ساعة ..مشاريع
نشر في: 27 سبتمبر, 2011: 10:15 م