TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > سلاما ياعراق :يا صــاح

سلاما ياعراق :يا صــاح

نشر في: 28 سبتمبر, 2011: 07:41 م

 هاشم العقابي في غمرة اندماجي مع فلم تابعته البارحة على احدى فضائيات الأفلام العربية، جلبت انتباهي كلمة "يا صاح" التي استخدمت كثيرا في "سبتايتل" الترجمة. صار عندي شعور اولي بأن المترجم عراقي. وقد اكون مخطئا. السبب الذي دفعني لذلك هو اعتقادي، وهنا قد اكون مصيبا، ان هذه الـ "يا صاح" لا يتداولها الناس في أحاديثهم اليومية. كلمة موجودة لكنها غير مستعملة شأنها شأن مفردات كثيرة أخرى كأنها انتهت صلاحيتها. وما دفعني للظن، بان المترجم عراقي، هو لان هذا المصطلح يرد كثيرا  في شعرنا الشعبي خاصة الموال.
توقعت ان اغلب المشاهدين قد لا يفهمون معناها لكنهم اعتادوا على قراءتها من خلال الافلام. توقعي اكده وجود اسئلة على بعض مواقع الانترنت تسأل عن معناها ومن بينها سؤال من احدهم يقول بالنص: "ما معنى كلمة (صاح) الموجودة بالافلام"؟ سؤال مشروع ودقيق لانها لا تستعمل الا في الافلام.ان الذي استوقفني هو ليس معناها لأنه ليس عسيرا، بل هو كثرة تداولها بموالاتنا الشعبية خاصة المغناة منها، دون ان نستعملها في أحاديثنا. وان كان هناك من استخدم "يا صاح" أكثر من غيره حتى تكررت في اغلب موالاته هو الحاج زاير. والسؤال لماذا استخدمها هو وغيره بهذه الكثرة رغم انها ليس لها وجود في القاموس الشعبي؟ خطر ببالي اولا ان السبب متعلق بتفعيلة الموال الذي يجب ان يبدأ بـ "مستفعلن" و "يا صاح" تسهل هذه البداية. لكن وبعد استعراض سريع للأبيات الشهيرة التي تبدأ بهكذا بداية، لاحظت ان اغلبها مليئة بالتوجع والشكوى والتحذير مما يحل بنا نحن العراقيين. فمن هو هذا الـ"صاح" الذي ناداه الحاج زاير "يا صاح عودي ذبل وبكل دوه ما يصح"؟ وما هو دوره بحيث يقول له مكملا مواله: "لا تنهضم للسبع لو صار علفه تبن  واليوم حتى التبن علف السبع ما يصح"؟ اليست هذه هي حالنا في عراق اليوم؟ ما قاله الحاج زاير قد يكون قبل 100 عام. فهل كان من بيننا، نحن ابناء اليوم، من هو موجود في آنها حتى يصبره الحاج؟ لا اجدها غير رسائل كانت تخفي اسم المرسل اليه وتكنيه "صاح" خوفا عليه من شيء ما؟ خلصت الى ان مفردة "صاح" الماثلة في اغلب الموالات لا تعني شخصا بعينه أو فردا واحدا بل شريحة كبيرة قد تكون الشعب بأجمعه أو ربما هو العراق بعينه. ودليلي انها لا تتطرق لحالة خاصة يعانيها الشاعر بل تتناول ظاهرة سلبية قد حلت أو تتنبأ  بكارثة ستحل بالعباد أو البلاد. لا يتسع المجال لكتابة العشرات أو ربما المئات من الموالات التي قيلت في الماضي البعيد محذرة "صاح" مما يحل بنا في هذه الايام من خراب. لكني مدين بالفضل لمن كتبها في ترجمته للفيلم لانه اوحى اليّ بكتابة دراسة آمل بنشرها في كتاب يحمل "يا صاح" عنوانا له.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram