 القاهرة/ يوسف المحمداوي ال ذكرنا في حلقات سابقة أن الزائر للقاهرة يرى فيها ثلاث مدن، هي الفرعونية والإسلامية والقبطية، وقد تحدثنا عن أجزاء بسيطة للفرعونية والإسلامية ولكننا لم نتحدث عن القاهرة القبطية أو المسيحية،لذا ستكون يوميات المدى بالقاهرة في الجزء الأقدم منها الذي يقع شرق نهر النيل لأن النصف الشرقي
لهذه المدينة يحوي تاريخ مدينة المعز لاحتضانه مساجدَ وكنائسَ موغلة بالقدم.والأثر المهم فيها هو مجمع الأديان أو ما يسمى بالقاهرة المسيحية،التي تروي كنائسها ومتاحفها وحصونها تاريخ الأقباط وأحوالهم على أرض الكنانة، وما شجعني على زيارتها هو وجود الشاعرة والإعلامية العراقية رنا جعفر ياسين التي تقيم في القاهرة، وتسكن حي المعادي القريب من مجمع الأديان الذي زارته أكثـر من مرة وهي على دراية بكل شيء فيه، توجهنا إلى المجمع بسيارة زميلتي ودليلتي ومصورتي رنا عند منتصف الظهيرة. عراقيون أحسن ناسركنا السيارة عند مرآب مخصص لوقوف العجلات وتوجهنا من خلال زقاق لا يختلف عن أزقة الفضل أو عباس أفندي بالضيق وقدم البناء.. ووجدنا أنفسنا في معرض خرافي تجمعت فيه التحف الفرعونية والإسلامية والرومانية والقبطية وكذلك الصناعات المحلية التي تشتهر بها مصر.تقول السيدة سوزان إبراهيم بائعة في أحد أجنحة المعرض: إن جميع ما موجود فيه هو صناعة مصرية خالصة وهو تابع لدار الآثار المصرية وأثناء عرضها بعض البضائع، سألتنا عن بلدنا فقلنا لها نحن من العراق، فقالت .. يا.. أحسن ناس أنتم مسيح أم مسلمون، كنت فاكره وهي تشير إلى (رنا) بأنها من لبنان وبالفعل شكل شاعرتنا ولبسها وطريقة كلامها وغنجها يشير إلى ذلك، أما أنا فلا شك في هيئتي السومرية الواضحة.. فقلنا لها نحن مسلمون من بغداد وسألناها عن ديانتها فقالت أنا قبطية.. من هم الأقباط؟ تشير الدراسات التاريخية التي قام بها العلماء والباحثون من أمثال انتوني ألكوك والعالم بيتر جردسمان والمهندس مايكل مالينسون وكذلك البحوث الموجودة في المتحف القبطي ويعززها أحد مرشدي الكنائس إلى أن:*ما معنى كلمة قبطي؟ إن كلمة (قبطي) مشتقة من الكلمة العربية (قبط) وهذه مشتقة من الكلمة اليونانية (اجيبتوس) بمعنى (مصري)، والإغريق كانوا ينطقونها باللغة المصرية القديمة ((بيت روح بتاح)) وهي تسمية أخرى للعاصمة القديمة (منف) وعرفت في النقوش الآشورية باسم (هيكوبتاه)، وقام اليونانيون بإضافة علامة الرفع من لغتهم والتي هي (وس) على هذا الاسم لتصبح (إجيبتوس) وقد وردت هذه الكلمة كثيراً في شعر هوميروس، أن العرب حين دخلوا مصر تصوروا أن الهمزة في أول الكلمة حرف استهلال فقاموا بحذفها وكذلك علامة الرفع اليونانية في آخر الكلمة، ثم نطقوا الجيم قافاً وأطلقوا على التاء (طا) فخلفت لهم لفظة (قبط) بمعنى سكان مصر، ولكن الاختلاف يكمن كما تقول سوزان.. أن جميع الأقباط هم مصريون ولكن ليس جميع المصريين أقباطا لأنه عندما فتحت مصر من قبل المسلمين عام 641م، وبما أن ديانة المصريين في ذلك الوقت هي المسيحية فكان يطلق عليهم (الأقباط) .كنيسة مستقلة عند الغرب وبعد تحول الكثير منهم إلى الدين الإسلامي صار يطلق عليهم المسلمين أو المصريين، وبذلك أصبحت كلمة قبطي تطلق فقط على المصري المسيحي، وحتى المسيح المتواجدين في أفريقيا كما تقول سوزان يطلق عليهم الأقباط، لأن الكنائس في أفريقيا حتى سبعينيات القرن الماضي تابعة لبطريرك الإسكندرية، وبما أن الكنيسة المصرية قطعت علاقتها بالغرب والقسطنطينية التي كانت تتواجد فيها المرجعية المسيحية منذ عام 451م، فقد سمّي العصر الذي استقلت فيه الكنيسة المصرية بالعصر القبطي.خرجنا من معرض التحف ودخلنا معرض الكتب وعيوننا تبحر في محيط هائل من مرتكزات تاريخ لا يندثر، حصن بابليون، الكنيسة المعلقة، المتحف القبطي، كنيسة القديسة العذراء والشهيدة (دميانة) والشهيدة بربارة، وكنيسة الشهيد العظيم مارجرجس، وقيصرية الريحان ودير البنات، المعبد اليهودي (معبد بن عزرا) وتحتار حقيقةً إلى أية تحفية تلتفت وبأي تاريخ تغوص.. ومع سحر المكان كان هناك سحر الإنسان في السائحات القادمات من كل حدب وصوب.. المسيحية جاءت من فلسطينلم تمنعني شيبتي ولا الحياء من زميلتي عن أن التفت إلى غزالة أوروبية داخل كنيسة أو مذبح ولم يمنعني سحر المكان والإنسان أيضاً أن أردد ما قاله الجواهري في منفاه وهو يتغزل بإحداهن..  هدي المسيح على العيون طفا وطافا  ودم الصليب على الخدود يرتشف ارتشافنعم يرتشف ارتشافا يا أبا فرات، سأبحر اليوم مضطرا في عالم الكنيسة المعلقة لأنها ذكرتني بلا شك في الجنائن المعلقة في بابل.. إحدى المرشدات المصريات التي تتواجد داخلها لشرح كل مرفق في هذا المتحف والمعبد الديني في نفس الوقت، تقول دخلت المسيحية إلى مصر قبل ألفي عام حيث هربت العائلة المقدسة من فلسطين ووصلت إلى مصر عبر الصحراء، وكان سبب هروبها هو ما قام به الملك (هيرودس) الذي أخبرته العرافة بأن طفل سيولد في بيت لحم اسمه (المسيح) وسيأخذ الحكم منه، فقام بقتل أطفال بيت لحم، فهربت العوائل المسيحية إلى أرض مصر عبر صحرائها إلى الصعيد حتى الدلتا وتحولت جميع أماكنها تلك إلى أديرة وكنائس ودور عبادة. 2626 كنيسة في مصروحسب كتاب كما تقول المرشدة ي