القاضي / سالم الموسوي تعيش المنطقة العربية هذه الأيام (ربيع الثورات) التي امتدت في معظم الوطن العربي وبعضها اجتاح كل شيء وهدم كل رمز يدل على الشمولية والدكتاتورية والعراق لم يكن ببعيد، إذ حصل فيه تغيير يكاد يكون زلزاليا أدى إلى النتيجة ذاتها التي وصلت إليها تلك الثورات وان اختلفت الوسائل والآليات ويجد المراقب مشتركا بين كل الثورات وهو وقوفها بكل إجلال وتقدير للقضاء والنظر إليه بقدسية عالية ،
وذلك لان الشعوب المضطهدة والثائرة على حكامها سواء كانوا افراداً متسلطين ام مؤسسات متفردة بقرارها وتتحكم بمصير الشعب وفي الوجهين التنفيذي او التشريعي لا تطالب إلا بالعدل والمساواة ، لأنها تعتقد بان العدالة بالنسبة إليها مسألة حياة او موت، فحينما نفتقد العدالة تعم الفوضى ويتلاشى الوجود المجتمعي وعلى وفق ما أشار إليه علماء الاجتماع حيث أن الثورات لا تأتي صدفة وإنما لها جذورها الممتدة والراسخة في المجتمع وثورة الشعب التونسي لم تكن وليدة يوم حادثة حرق (بوعزيزي) لنفسه او ردة فعل عنها وانما جذوة متقدة اججتها الحادثة المذكورة ، ومثلها سائر الثورات في مصر ومعظم أنحاء الوطن العربي ، وتعزى أسباب هذه الثورات دائما الى مجموعة من الأسباب منها انعدام العدل وتعطيل القضاء إما بإلغائه والتأثير عليه او وضعه تحت جناح الحاكم او السلطة التنفيذية ، وفي ظل الأنظمة الشمولية كان القضاء غير ذي قيمة اجتماعية او قانونية ، لذلك تجد الثورات اول عمل لها بعد نجاحها هو تعزيز وحفظ استقلال القضاء من التدخلات ويعد ذلك الاستقلال وجه الثورة الناصع واهم منجز لها اذا ما تحقق ، وفي العراق وبعد التغيير الذي حصل عام 2003 ،وجدنا أن الشعب حاول الانتفاع من الظروف التي أدت إلى التغيير ونيل أهم مكسب له باستقلال القضاء عبر تشكيل السلطة القضائية واستقلالها عن السلطة التنفيذية ، ومثلما موجود في جميع البلدان لابد وان تقاوم عملية التغيير ممن كانوا منتفعين من الأنظمة الشمولية السابقة او من الذين يحملون ذات الأفكار المتشابهة في حب السطوة والهيمنة والتفرد والشمولية ، فيعملون على تعطيل الحياة وقتل الأبرياء وبعضهم يركب مطية الفساد، وآخرون يقودون حملات تشكيك وتشهير بكل جديد أوجده الشعب ويسعون لإسقاطه حتى لا يرى الشعب نور العدل وضمان حق التقاضي واجراء المحاكمة العادلة ، وهؤلاء المشككون ليس بالضرورة أن يكونوا من اتباع النظام السابق وانما قد يكونون من بين رجال العهد الجديد الا انهم يتطابقون مع سلوك الدكتاتورية والشمولية من حيث التفرد والسطوة والهيمنة على مقدرات الشعب ويسعون لان يكونوا البديل عن الحاكم السابق وهذا ربما يكون قد ارتقى موقع المسؤولية، مستغلا سوء العملية الانتخابية التي اوصلته الى موقعه عبر النظام الانتخابي بالقائمة المغلقة وبغفلة من الزمن متعكزا على اسم رمز ديني او متعللا بموقف طائفي او اثني ، ويوظف كل الممكنات المتاحة له في تحقيق مآربه السيئة، منتفعا من امتيازات الموقع الذي هو فيه والحصانة التي امتاز بها مركزه الوظيفي فيعتلي المنابر الإعلامية ويتهجم على المؤسسة القضائية ويكيل لها التهم جزافا ويعتدي على شخوصها ومنتسبيها وينعتهم بأوصاف غير حقيقية من اجل الطعن في هذه الاستقلالية وزعزعة ثقة المواطن بالقضاء ومن ثم خلق الفوضى الاجتماعية التي تقوض السلم والامن الاجتماعي.
نحن والعدالة :دور القضاء العراقي في تعزيز السلم والأمن الاجتماعي
نشر في: 30 سبتمبر, 2011: 08:06 م