اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > تحقيقات > لأنهم يتجاهلون مطالبَ الشعب.. الحيطان تتكلم...

لأنهم يتجاهلون مطالبَ الشعب.. الحيطان تتكلم...

نشر في: 1 أكتوبر, 2011: 07:27 م

 بغداد / وائل نعمة ألوان زرق وصفر ، وفي الغالب سود، بخطوط كبيرة وصغيرة ، بأيدٍ مرتعشة وخائفة، أخطاء في الصياغة ، ابتلاع بعض الحروف ، شطب وحذف ، صبغ بديل  ، كلمات أخرى ، عهد جديد. " يسقط الوصي " .... " نريد الكهرباء والماء " ، شعارات كتبت تحت جنح الظلام ، تحكي تاريخ الدولة العراقية منذ نشوئها في عشرينيات القرن الماضي إلى اليوم ،
 أبطالها رجال متمردون على الواقع ، ومادتها الأساسية الكتابة على الجدران .في بلد كان قبل سنوات يحكم على من يجرؤ على لصق "إعلان " على احد الجدران ، سواء كان ملكاً عاماً أو خاصاً دون إذن "الأمن " بالإعدام ، بعد أن يتهم بأنه "عميل " لدولة أجنبية ، طابور خامس ، إسلامي ، شيوعي ، محرض على إسقاط حكم "صدام ". يستخدم اليوم هذا البلد "صحافة " حرة وتعبير عن رأي في كتابة شعارات ، قد تكون مبعثـرة وغير مفهومة في أحيان كثيرة ، لكنها صادقة في رأي من يخطها. في عهد صدام كان يمنع منعا باتا الكتابة على الجدران. قبل "الانتخابات" أو كما يسمى حينها بـ"الزحف الكبير "،ففي عام 2002  كتب احدهم عبارات ضد النظام الحاكم ، إلا أن كوادر الحزب البعث رشّت الدهان على الحيطان .شعارات ما بعد صدام  "ليسقط صدام الكافر ويحيا المؤمن بوش" ،" الموت لجميع البعثيين" شعارات كتبت على الجدران بعد سقوط صدام . يقول سعد الكاظمي " أنت تريد أن تعرف ما يفكر فيه العراقيون؟ اقرأ ما مكتوب على هذه الجدران" ! . ويعتقد الرجل السبعيني ، صاحب مكتبة صغيرة ويغطي معظم محتوياتها التراب في منطقة الكاظمية ، بان العراق مر بمراحل متغيرة ، وكانت الشعارات المكتوبة على "الحيطان " تمثل فترة محددة من تاريخ العراق . متذكرا ما كتب على جدران المنطقة في العهد الملكي آنذاك، والتي نددت بالوجود الأجنبي ومن ثم بالملكية ولاسيما الوصي عبد الإله.فيما يرى الموسوعي علي النشمي أنها كتابات لا قيمة لها ومعيارا للتراجع والتخلف، لاسيما وان معظم ما يكتب "غير مهم " .النشمي يعتقد أن جذور الكتابة على الحيطان تعود الى زمن "اللاورق" ، حيث كان يقوم الإنسان بالنقش على الصخور . مشددا على أن الظاهرة هي بدون قيمة ، ومعظم الكتابات عبثية مثل " تسقط برشلونة يعيش مدريد ". في إشارة منه إلى التنافس الشديد بين مؤيدي فريقي الريال مدريد وبرشلونة الاسبانيين ، الذي تظهر نتائجه على الحائط أيضا . مقللاً في الوقت نفسه من الشعارات السياسية المكتوبة على الجدران لأنها وحسب رأيه آراء "هابطة " وتعتمد التشهير وسب الآخرين.كتابات في فترات متغيّرة وتنوعت الكتابات على الحيطان في أفكار متغيرة وفقا للفترة الزمنية التي كتب بها ، ويعتقد محمد سامي أستاذ التاريخ في كلية التربية بالجامعة المستنصرية ، بان الشعارات المكتوبة تمثل تاريخا صادقا على الحقب الزمنية التي مرت بها البلاد ، معتقدا أنها ربما اصدق من بعض الكتب التاريخية التي أراد كتّابها من ورائها تزييف الحقائق وتحريفها ، فيما الكتابات الجدرانية تعبير صادق عن إرادة شعب.ربما لم يكن كل ما يكتب على الجدران نابعا من رأي نزيه ، فبعضها تحدث على دعم فكر معين ليس بالضرورة يريد الخير للجميع ، أو أنها تؤسس لمرحلة جديدة وتفسح المجال لجهات اخرى تأخذ زمام الكتابة في عهد حديث . الكتابات التي كانت في فترة ما بعد الحكم الملكي راحت تمجد بالزعيم عبد الكريم قاسم والخلاص من نظام الملكي "المترف" ، فعبارة " ماكو زعيم إلا كريم " تشير في دلالة واضحة الى بداية التمجيد لشخص دون نظام ، أو دولة، كما يقول الناشط المدني حارث الشبيبي ،معتقدا أن للشعارات المكتوبة آثارا خطيرة لأنها تصل إلى الكثيرين وتؤسس لفكر وثقافة جديدين . رواسب الخوف فيما يجد أستاذ العلوم السياسية في جامعة بغداد أن الكتابة على الجدران إحدى قنوات التعبير عن الرأي .ويضيف علي الجبوري "هذا النمط ينشط  في أجواء تقييد الحريات وفي ظل الأنظمة الشمولية التي تمنع وصول رأي الجمهور الى الشارع والحكومة ، مستغربا من وجود هذه الكتابات في العراق مع فسحة الحرية وقنوات التعبير في وسائل الإعلام المختلفة . معللاً ذلك بوجود رواسب من زمن النظام المباد تتمثل في الخوف من قول الرأي الحر ، والخوف من السلطة . والدليل يبدو واضحا في محاولة بعض الأشخاص كتابة بعض الكلمات على الجدران دون أن يظهر هويته.من جانب آخر، يؤيد الجبوري فكرة إرساء الديمقراطية كثقافة وتعامل من خلال الصحافة ومؤسسات المجتمع المدني وفي المدارس لتنحصر بالمقابل ظاهرة الخوف والكتابة وراء الستار.حسنات الكتل الكونكريتيةوبالتأكيد الشعارات التي رفعت وخطت على الجدران من قبل حزب البعث ضد حكم عبد الكريم ، لم تكن سوى إيذان ببدء مرحلة جديدة ، لم تكن إلا أسوأ فترة تمر بها البلاد ، وأدخلته في حروب وحصار وانتهت باحتلاله على أيدي القوات الأمريكية.ووفرت الأحداث بعد 2003 اكبر جدارية يمكن الكتابة عليها بعد أن وضعت القوات الأمريكية والعراقية الاسيجية الكونكريتية وحوطت المناطق بالجدران ، وأغلقت المنافذ والمخارج

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية
تحقيقات

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية

 اياد عطية الخالدي تمتد الحدود السعودية العراقية على مسافة 814 كم، غالبيتها مناطق صحراوية منبسطة، لكنها في الواقع مثلت، ولم تزل، مصدر قلق كبيراً للبلدين، فلطالما انعكس واقعها بشكل مباشر على الأمن والاستقرار...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram