هاشم العقابي مهلا، لا تتسرعوا بالحكم، فيتصور بعضكم انني ضيعت حساب الشهور فحسبت انه عاشوراء. كذلك لا تظنوا انني، لا سمح الله، قد حلت بي مصيبة او كارثة. لا هذا ولا ذاك. فعنوان العمود اخذته كما هو من عنوان لأغنية عراقية راقصة.
القصة هي انني قبل يومين اهداني الصديق الكاتب احمد المهنا نسخة من مجموعة اغان غجرية عراقية كانت قد اهديت له. واهداء الاغنية لا يقل جمالا عن إهداء وردة. كانت هناك قائمة مطبوعة باسماء الاغاني التي استنسخت على "سي دي". تضاعف فرحي بالهدية حين قرأت ان هناك احدى المطربات الغجريات (حمزية جاسم) تغني على انغام عود جميل بشير. فيا قدميَّ أعيناني على الوصول بسرعة لكومبيوتري كي استمع لهذا العازف الكبير، الذي يعد علامة فارقة بتاريخ الموسيقى العراقية، وهو يرافق غجرية بعوده. حتما ستكون هناك مفاجأة. وفعلا كانت كذلك.قفزت مباشرة لتلك الأغنية التي كانت تحمل رقم 13 على القائمة. قدم بشير للأغنية بعزف ساحر نقلني الى اجواء معزوفة زوربا. ولا غرابة في هذا التقارب. فمعزوفة زوربا غجرية الروح، وجميل بشير، ايضا، كان يعزف لمطربة تغني اغنية غجرية.المقدمة تشيع في نفس من يسمعها رغبة تلقائية بالرقص حتى ولو بقلبه لا بجسده. وهكذا كنت حين سمعتها. لكن ما ان جاء دور المطربة، واذا بها تدك وتلطم منادية: "اريد الطم على الخدين بس آنه". توقعت ان التباسا او خطأ ما قد حدث. عدت للقائمة فوجدت حقا ان اسم الأغنية "اريد الطم". يبدو أن دهشتي باسم جميل بشير هي التي جعلتني لم انتبه لاسمها.جميل بشير يلطم على عوده واللطامة "حمزية". حقا لم يرد في بالي ولا حتى بمخيلتي ان امر يوما على فنانين واحد موسيقي مسيحي والأخرى مطربة غجرية وهما يلطمان. انها حالة تستدعي التوقف من قبل كل من يهتم بدراسة ظاهرة الحزن في اغانينا. وكذلك من قبل من يعتبر ان اللطم مرتبط بطقوس دينية او مذهبية فقط.المفاجأة جعلتني اعيد قراءة قائمة الاغاني لأتأكد من دقتها. وجدت، اغلبها، ان لم يكن كلها على شاكلة "اريد الطم". فاغنية اسمها "اريد ابجي" واخرى "ويلاه .. ويلاه". ثم "يهنا .. يهنا" و "يا روحي نوحي" وربما اخفها جميعا اغنية: "مطلوب ولفه الدّيان كلولي شكلله .. يلوم الما دره بالضيم هذا الضيم ضيم الله".لا تكاد اغنية واحدة تخلو من صرخة: "يابه .. يابه .. و يا يابه .. وبعد يا يابه .. وآخ يا بويه".اتصلت باحمد المهنا ، فسألني: "ها تونست بيهن؟". اجبته: "احلى ونسه تمرد القلب والروح". استفسر مستغربا: ليش؟ قلت له: دعني اقرأ لك فقط عناوين الأغاني التي اهديتني اياها، فربما تدلك على السبب. قرأتها له من "اريد ابجي" وصولا الى اريد الطم". صمت للحظة، ثم اكتفى بالقول.- يا الهي.rn
سلاما ياعراق :أريــــد الطـــم
![](/wp-content/uploads/2024/01/bgdefualt.jpg)
نشر في: 2 أكتوبر, 2011: 08:57 م