TOP

جريدة المدى > آراء وأفكار > أزمــــــات مصــــر..و فشــــــل "اللحــــــــــى"

أزمــــــات مصــــر..و فشــــــل "اللحــــــــــى"

نشر في: 13 أكتوبر, 2012: 05:58 م

لينا مظلوم 

ظلت جماعة الإخوان المسلمين في مصر تتمسك بآخر ورقة توت تستر بها جسدها الذي يتعرى يوما بعد يوم منذ انتقالها من خندق المعارضة إلى مواقع الحكم و المسؤولية..هذه الجماعة طالما رفضت وضعها في مصاف واحد مع باقي الأحزاب السياسية –رغم أن التاريخ و الواقع يؤكد هذا-  متجاوزة بذلك قواعد المنافسة الديمقراطية النزيهة حين تصر على ارتداء عباءة اللعب على وتر المشاعر الدينية ..و كأن الدين حكر أو امتياز إلهي  تنفرد به الجماعة و حزبها السياسي-الحرية و العدالة-دون باقي الأحزاب.
وصول الجماعة إلى مواقع الحكم ارتبط بمجموعة ملفات خطيرة..كان الرئيس محمد مرسي  قد وعد, ضمن برنامجه الانتخابي,  بإيجاد حلول لها خلال مئة يوم...بعد انقضاء هذه المدة على دخول مرسي القصر الرئاسي ..بدأت نبرة التساؤل المصري تعلو عما تم إنجازه فعلا من هذه الوعود...
يتصدر الملف الاقتصادي قائمة الأولويات بعد أن حارب نواب الإخوان المسلمين في البرلمان عبر سنين زواج السلطة بالمال ورجاله..تكررت التجربة بصورة أكثر فجاجة في الإمساك بمقاليد الاقتصاد ..صورة أدّت إلى اختلاط بين اقتصاد الدولة و اقتصاد "الجماعة"..حتى أصبح رجال أعمال الجماعة هم القوة المسيطرة على الاقتصاد المصري..و لأن التجربة الاقتصادية الإخوانية- على انتشارها- ذات طابع خاص و محدود , لايصل إلى كفاءة إدارة اقتصاد دولة –فهم تُجّار و ليسوا رجال اقتصاد-.. مما أدى إلى تفجُر أزمة اقتصادية طاحنة..أبرز مظاهرها تفشي حالة غلاء شملت كل السلع و الخدمات الحياتية,  و تدني مستوى الاحتياطي النقدي, و تعثر الاستثمارات الداخلية و الخارجية .. حتى حقيقة الأرقام المبالغة للقروض و المنح العالمية التي تعلن عنها الجرائد الرسمية هي مجرد "حبر على ورق" بهدف الدعاية الإعلامية للوافدين الجُدد على مواقع الحكم .. نتيجة هذا التردي جاءت في شكل مظاهرات شبه يومية ..مما يدعم مخاوف من قيام ثورة جياع .. فصرخة الجوع هي الوحيدة التي لن تقوى على قمعها ميليشيات الإخوان و تنظيماتهم المسلحة .
الفشل الاقتصادي الصارخ بدد كل الوعود و الأحلام الزائفة التي حاولت الجماعة خلال الانتخابات تسويقها لدى البسطاء ..و هو ماكان متوقعا بسبب عدم امتلاكهم مشروعا اقتصاديا حقيقيا و مدروسا .. لذا كان من البديهي لجوء الجماعة إلى نفس سياسات ما قبل الثورة .. لكن بعد أن تمت إضافة "اللحية" المناسبة عليها و تغيير المسميات إلى أخرى ذات طابع ديني .. و هو ما خلق أزمة ثقة بين الشارع و المؤسسة الحاكمة .. ظهرت على شكل إضرابات و اعتصامات ملأت يوميا الشارع المصري بكثافة على نطاق مختلف الفئات ..كل منها يطالب بحقوق و لا مجيب من الرئاسة و الحكومة.
الملف الأمني مازالت تداعياته تتصاعد يوميا ..على الصعيد الداخلي بدأ المواطن المصري يلمس تحسنا طفيفا في الأحوال الأمنية التي شهدت انفلاتا صارخا عقب ثورة 25 كانون الثاني .. و إن كانت عودة الأمان إلى الشارع المصري مازالت في حاجة إلى الكثير من جهود وزارة الداخلية .. التحدي الأمني الأخطر حاليا يكمن عند أهم عُمق إستراتيجي للحدود المصرية و هي شبه جزيرة سيناء .. ظلت هذه المنطقة –بكل خصائصها الأمنية العسكرية الهامة- تعاني  قصورا أمنيا عشرات السنين , يخضع سكانها للتجاهل و يعم الإهمال أرضها التي عادت إلى الحضن المصري عام 1973 و تكاد تخلو من المشاريع الاستثمارية  حتى بدأت تدريجيا تشكل ملاذا لتجار المخدرات و التهريب و التنظيمات الجهادية من مختلف البلاد العربية بل هي أعلنت مؤخرا أنها ستتخذ من سيناء مقرا لدولتها!! .. ومن المعروف أن اتفاقيات السلام المصرية- الإسرائيلية"كامب ديفيد" قلّصت التواجد العسكري المصري في سيناء إلى أدنى مستوى ... بينما تعتمد إسرائيل في رفضها إعادة مناقشة بنود الاتفاقية على غياب القرار المصري المؤثر و القوي القادر على فرض إرادته .. هكذا تتصاعد النُذُر بعد مجموعة عمليات إرهابية قامت بها التنظيمات الجهادية في سيناء مؤخرا من تحول هذه المنطقة الخطيرة إلى "بيشاور" أخرى  .
حالة الهوس بالديمقراطية و الحرية لم تفقد بريقها عند المواطن المصري بكل مظاهر التمرد و الحراك السياسي الذي يشهده الشارع .. لكن الأغرب أن الدواء الذي اختاره "مرسي" في معالجة هذه الملفات يبدو حتى الآن مقتصرا على تحويل المساجد إلى منابر سياسية يلقي فيها كل أسبوع عقب صلاة الجمعة خطابا طويلا لا تتغير صياغته الدينية ذات الطابع الحماسي الرنان ..دون أن يقدم ما يتضمن حلولا ملموسة و مدروسة لهموم الشارع المصري.
أخيراً فان جماعة الإخوان  تستشعر – رغم رفضها الاعتراف بذلك- تدني شعبيتها في الشارع المصري , لكنها بدلا من مواجهة المشاكل , اختارت اللجوء إلى أسرع الحلول التي تضمن لها البقاء طويلا في السلطة.. إذ تمضي حاليا وفق خطة سريعة نحو "أخونة" جميع مفاصل و مؤسسات الدولة بكوادر من جماعة الإخوان المسلمين.

كاتبة عراقية مقيمة بالقاهرة

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

«الإطار» يطالب بانسحاب السوداني والمالكي.. وخطة قريبة لـ«دمج الحشد»

تراجع معدلات الانتحار في ذي قار بنسبة 27% خلال عام 2025

عراقيان يفوزان ضمن أفضل مئة فنان كاريكاتير في العالم

العمود الثامن: بلاد الشعارات وبلدان السعادة

بغداد تصغي للكريسمس… الفن مساحة مشتركة للفرح

ملحق منارات

الأكثر قراءة

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

العمود الثامن: "علي بابا" يطالبنا بالتقشف !!

سافايا الأميركي مقابل ريان الإيراني

فـي حضـرة الـتـّكـريــم

العمود الثامن: موجات الجزائري المرتدة

العمود الثامن: بلاد الشعارات وبلدان السعادة

 علي حسين نحن بلاد نُحكم بالخطابات والشعارات، وبيانات الانسداد، يصدح المسؤول بصوته ليخفي فشله وعجزه عن إدارة شؤون الناس.. كل مسؤول يختار طبقة صوتية خاصة به، ليخفي معها سنوات من العجز عن مواجهة...
علي حسين

قناطر: شجاعةُ الحسين أم حكمةُ الحسن ؟

طالب عبد العزيز اختفى أنموذجُ الامام الحسن بن علي في السردية الاسلامية المعتدلة طويلاً، وقلّما أُسْتحضرَ أنموذجه المسالم؛ في الخطب الدينية، والمجالس الحسينية، بخاصة، ذات الطبيعة الثورية، ولم تدرس بنودُ الاتفاقية(صُلح الحسن) التي عقدها...
طالب عبد العزيز

العراق.. السلطة تصفي الحق العام في التعليم المدرسي

أحمد حسن المدرسة الحكومية في أي مجتمع تعد أحد أعمدة تكوين المواطنة وإثبات وجود الدولة نفسها، وتتجاوز في أهميتها الجيش ، لأنها الحاضنة التي يتكون فيها الفرد خارج روابط الدم، ويتعلم الانتماء إلى جماعة...
أحمد حسن

فيلسوف يُشَخِّص مصدر الخلل

ابراهيم البليهي نبَّه الفيلسوف البريطاني الشهير إدموند بيرك إلى أنه من السهل ضياع الحقيقة وسيطرة الفكرة المغلوطة بعاملين: العامل الأول إثارة الخوف لجعل الكل يستجيبون للجهالة فرارًا مما جرى التخويف منه واندفاعا في اتجاه...
ابراهيم البليهي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram