حازم مبيضين بدأت بوادر تفتح أزهار وورود ورياحين الربيع العربي في قطرين عربيين, أطاحت جماهيرهما بحاكميهما, وذلك في حراك سيسجله التاريخ بدم الشهداء, الذين سقطوا دفاعاً عن الحرية والديمقراطية وحقوق الانسان, ففي تونس التي أطاحت حكم بن علي, الذي كان مقدراً له الاستمرار ما بقي حياً, انطلقت قبل يومين الحملة الانتخابية للمجلس التأسيسي, الذي سيضع دستوراً جديداً للبلاد, ويتنافس في الحملة الانتخابية حوالي 11 ألف مترشح على 220 مقعداً,
في المجلس الذي سيتولى الإشراف على إدارة الشأن العام للبلاد خلال المرحلة الانتقالية.تتنافس في هذه الانتخابات أربعة تيارات أساسية، التيار الجامع للقوى الوطنية الديمقراطية بما فيها اليسار، والإسلامي الذي تقوده حركة النهضة، والدستوري الذي يجمع أحزابا كانت قريبة من حزب التجمع المنحل, وأخيرا تيار المستقلين,وإذا كنا نتوقع منافسة شرسة بين التيار الحداثي وحركة النهضة، فلأنه ستكون للفائز الكلمة الفصل في صياغة الدستور الجديد للبلاد, وفي إدارة الشأن العام, بما في ذلك تشكيل حكومة جديدة وانتخاب رئيس جديد, وحتى هذه اللحظة فإن الأمور تسير في دربها الصحيح, من حيث السماح للمراقبين الدوليين والمحليين بمتابعة كافة مراحل العملية الانتخابية, وتكليف هيئة مستقلة بالإشراف عليها للمرة الاولى منذ استقلال تونس, على عكس ما ساد في عهدي بورقيبة وبن علي, حيث كانت وزارة الداخلية تتولى الإعداد والتنظيم والإشراف على مختلف مراحل الانتخابات.في مصر وافق المجلس العسكري الحاكم, على تعديل القانون الانتخابي, بعد تهديد عشرات الأحزاب السياسية, أبرزها جماعة الإخوان المسلمين وحزب الوفد بالمقاطعة, وبات مسموحاً للأحزاب السياسية بالتقدم بمرشحين لشغل ثلث المقاعد البرلمانية التي كانت مخصصة لمستقلين، وفي الضفة الأخرى بدأت دراسة لوقف حالة الطوارئ وحرمان قيادات الحزب الوطني المنحل من ممارسة الحقوق السياسية، وذلك بعدما حمل الآلاف من المصريين هذه المطالب إلى ميدان التحرير في القاهرة الجمعة, وأكد المجلس العسكري الحاكم أنه لن يكون بديلا عن الشرعية, وقدم جدولاً زمنياً لانتقال السلطة, كما أكد أنه لا يسعى لإطالة الفترة الانتقالية, وأنه ملتزم بخارطة طريق واضحة ومحددة زمنياً, لنقل السلطة بعد اختيار رئيس الجمهورية,على أن يتم انعقاد مجلس الشعب المنتخب في النصف الثاني من شهر كانون الثاني 2012 , بعد إعلان نتيجة الانتخابات لممارسة مهامه. بين مصر وتونس هناك الكثير من التشابه, فالانتخابات تجريها هيئة مستقلة وتخضع لرقابة محلية ودولية, وهي تأتي استجابة لمطالب الشعب, وليس رضوخاً لمشيئة الحاكم, غير أن الفرق يبدو واضحاً في سماح التوانسة للأحزاب الحاملة لفكر حزب التجمع المنحل, الذي كان يقود البلاد, بالمشاركة في العملية الانتخابية, بينما يتم حظر ذلك على مؤيدي حزب مبارك في مصر, من خلال تفعيل قانون الغدر على جميع أعضاء الحزب الوطني المنحل, لضمان استبعاد الوجوه التي ساهمت في فساد المجتمع السياسي.في مصر وتونس, يجري التخويف من بروز الاخوان المسلمين كقوة مؤثرة في صنع القرار, مع أن الديمقراطية الحقيقية تعني أنهم يستحقون ذلك, إن كانت صناديق الاقتراع إلى جانبهم, وعلينا ألا لاننسى أنهم جزء أصيل من نسيج المجتمع, وأن من حقهم أن يحكموا إن كان شعبهم يريد ذلك ويؤيده, ولكن ذلك لايعني غياب أمنيتنا في أن يحكم البلدان من قبل ائتلاف يضم جميع القوى السياسية, وإن اختلفت اتجاهاتها, وإلى أن يتم العبور من عنق الزجاجة, وتلافي أي إمكانية لعودة الأمور إلى ما كانت عليه.
في الحدث :مصر وتونس.. الربيع يتفتح أزهاراً
نشر في: 2 أكتوبر, 2011: 09:32 م