الكتاب:مأساة لينينغراد إبّان الحصار 1944-194 تأليف:آنّا ريد ترجمة:ابتسام عبد الله وضعت براعة النازية في القتل الجماعي للاختبار، للمرة الأولى،في دول أوروبا الشرقية،وخطة هتلر للحصول عل"مكان لسكن"،الألمان القاطنين في روسيا تطلبت التخلص من جميع السكان السلافيين، وقد تم ذلك عبر القتل بالغاز أو بإطلاق النار أو بالقتل البطيء أو بالموت جوعاً.
وعلى الرغم من أن المؤرخين ابدوا اهتماماً ضئيلاً بالموضوع،فإن خطة هتلر،"للجوع"، كانت متمّمة لحربه ضد اليهود والأفواه الأخرى التي لا فائدة منها. وفي هذا الكتاب المؤثر، تنظر المؤلفة آنّا ريد، بعين فاحصة للسنتين والنصف للاحتلال الألماني وحصار مدينة لينينغراد.وقد أفادت المؤلفة من اليوميات والوثائق المتبقية من الذين نجوا من الموت، لتكون النتيجة سجلاً للخسارة البشرية إذ أن ما جرى في العاصمة الروسية قبل الثورة لا يمكن وصفه بسهولة بسبب بشاعته اللاانسانية. ففي كانون الثاني عام 1944 ،عندما بدأ الألمان الانسحاب، كان حوالي 750,000 مواطن قد ماتوا جوعاً-بشكل متعمد.وهذا الرقم كان يشكل ربع سكان لينينغراد آنذاك.وبالنسبة لما حدث في تلك المدينة، فإن الحكم متروك فقط لأولئك الذين عاشوا المأساة ونجوا منها. وقد كشفت المؤلفة تلك الفظائع عبر عودتها إلى ملفات الاستخبارات الروسية، كيف أن لينينغراد غدت ملجأً لآكلي لحوم البشر،ولم يكونوا أولئك من المتوحشين- غير الأسوياء، بل مجرد أمهات تبحثن عن طعام لأطفالهن. وفي خلال البحث عن الطعام، كان من الممكن العثور على نوع من (القوت) من الجثث الملقاة في الدروب، متجمدة من البرد، مطمورة تحت الثلج، دون أن يهتم احد ما بنقلها أو دفنها.وفي خلال الأشهر الأولى من حصار المدينة، بلغ معدل الوفيات فيها 100،000 شهرياً. إذ كان هتلر قد قطع جميع سبل وصول الطعام إلى لينينغراد، في حين أن درجة الحرارة كانت c/30 . وقد لجأ عدد من الناس إلى قتل جيرانهم للحصول على بطاقاتهم التموينية.وقد فشل ستالين في إخلاء المدينة قبل الحصار وكانت محاولاته لتوفير ذخيرة من الطعام قليلة،عندما كانت الظروف ما تزال ملائمة لذلك – أي قبل إطباق الحصار بشكل تام على لينينغراد.وعندما اشتدت المجاعة، بدأ السكان في غلي جلد العجول وتناولها، أو صنع مادة غروية بغلي العظام وحوافر الماشية المذبوحة. لقد غيّر الجوع كلّ شيء، وكسرة من خبز تأتي بها الريح ستحدث تغييراً ما بين الموت والحياة.وكما تقول المؤلفة، إن قرار هتلر بغزو الاتحاد السوفييتي في 22 حزيران-1941، فاجأ ستالين.وعلى الرغم من اختلافاتهما الإيديولوجية، فإن الدكتاتوريْن كانا متفقين في قرارهما على تدمير بولندا وتقطيعها إلى أجزاء، حسب اتفاقية ريبينتروب التي وقعها مولوتوف ومن دون تلك الاتفاقية، لم يكن هتلر قادراً على القيام بعمليات القتل الجماعي لليهود في بولندا، وكذلك لم يكن ستالين بدوره قادراً على جلب ألوف عدة من الايستوانيين واللاتفيين،"أعداء الشعب"، إلى سهول سيبيريا المتجمدة.ومع نقل بشاعة ما حدث في لينينغراد، فإن الكتاب ينقل إلى القارئ أيضاً شجاعة بعض المواطنين وتحملّهم. إذ حفظ أفراد عائلة مشرفة على الموت قصائد بوشكين كافة. ولقد تمكن هتلر من تجويع أجسادهم وليس عقولهم. وقد ساهم الدين في تمتين الأواصر بين الناس، لأن المحنة هي امتحان للبشر.عن/ الاوبزرفر
مدينة تحت الحصار النازي
نشر في: 3 أكتوبر, 2011: 06:31 م