أحمد الصرّاف أتقن التحدث باللهجة العراقية، ولسبب لا أعرفه أستمتع بالتحدث ورواية النكات بها، خاصة الحادة منها. كما أعرف عن العراق، فنا وتاريخا وأصدقاء أكثر مما أعرف عن أي بلد آخر، باستثناء لبنان. وأعتقد أن امتداد الكويت الطبيعي هو باتجاه الشمال، وليس الجنوب،
التي قدم منها، على مدى قرون، نصف سكان الكويت تقريبا، ولن يعودوا لها، فعيونهم على الشمال!كان لا بد من هذا التمهيد قبل الدخول في صلب المقال، عن علاقة الكويت المتوترة "تاريخيا" بالعراق، وهو التوتر الذي لم يكن يوما في صالح البلدين، وبالذات العراق، وخاصة في الفترة الأخيرة. وهنا نجد أن من يحاول إثارة الضغائن، من الطرفين، والتحدث عن خلافات وثارات ومؤامرات لا ينطلق من حرصه على مصلحة وطنه بقدر ما يتحدث باسم طرف آخر!! وهذه الاتهامات سوف تعيد البلدين للمربع الأول، الذي اعتقدنا يوما أننا خرجنا منه، وربما هذا ما يهدف له هؤلاء، وعلى عقلاء البلدين إسكات الأصوات النشار، والتفرغ للتنمية، فالكويت لا يمكن أن تأمن جانب العراق طالما لم يستقر ويزدهر اقتصاديا وينعم بديمقراطية حقيقية، والعراق دولة كبيرة في المنطقة وذات موارد طبيعية ومالية وبشرية هائلة لا تقارن بقدرات الكويت وحجمها، وبالتالي فإن أية محاولة لتصوير الكويت وكأنها المعتدية على العراق وحقوقه وأراضيه، وانه يتآمر باستمرار عليه وعلى استقراره مسألة لا يمكن بلعها بسهولة، وحتى لو صح ذلك فيجب وضعه في إطاره الزمني، ولا يجب أن تستمر معاناة الشعبين بسببه، ولو نظرنا لبحور الدماء التي سالت بين دول كبرى، وما أصبح يجمعها الآن من صداقة وتفاهم، لأسفنا لوضعنا، بالرغم من أننا أكثر قربا وفهما ومحبة لبعضنا مقارنة بهم!كما تأخذ بعض الأطراف في العراق على الكويت، خلال حرب العراق وإيران، وقوف الكويت مع نظام صدام، ويعتقدون أن هذا الدعم المالي واللوجستي أطال أمد الحرب، وتسبب في موت الكثيرين، وهذا ربما يكون صحيحا، ولكن من جانب آخر لو اختارت الكويت وقتها الوقوف على الحياد لجاء فريق آخر، أو نفس الفريق، ليوجه اللوم لها على حيادها وامتناعها عن دعم العراق، والادعاء بأن هذا ساهم في إضعاف العراق، وإطالة أمد الحرب والتسبب في زيادة عدد ضحايا الطرفين Damned if you do, damned if you don’t (ملعون إن فعلت، ملعون إن لم تفعل) وبالتالي نحن بحاجة لنشر المحبة بيننا، وأن ندع حل الأمور الشكلية بين الطرفين للأجهزة الفنية، فالعراق ليس بحاجة لمنافسة الكويت، ولا الكويت قادرة أو راغبة في أن تكون من نفسها نداً للعراق أو قوة كبرى في المنطقة، فلا عمقها ولا حجمها ولا قدراتها تسمح لها بذلك، وإن على العراق تفهم ذلك والعمل لما فيه خير الطرفين، فآفاق التعاون يمكن أن تصل لعشرات المليارات سنويا، وهذه هي التي ستكرس السلام الدائم بين الطرفين، وليس الاتفاقيات الدولية، ويجب ألا ندع فئة حاقدة هنا أو متآمرة هناك تقضي على حلم السلام والرخاء بين البلدين. كاتب كويتي المقال ينشر بالتزامن مع صحيفة القبس
كــلام محبــة :وطني والعراق وأنا
نشر في: 3 أكتوبر, 2011: 06:41 م