علي القيسي من بديهيات القول ان القوانين والقرارات الرسمية مثلها كمثل السكة الحديدية، كلما كانت قوية ومتينة وراسخة اطمئنت القاطرة لأمانها وسلامة ركابها، وهي تغذ السير فوق هذه السكة، مهما حملت من أثقال . كذلك هي القوانين، كلما كانت قوية وفاعلة وراسخة اطمأنّ لها الناس وركنوا إليها في شؤون دنياهم براحة بال، والقوانين في اكثر الاحايين تشكل مظلة تحمي احلام المواطنين وتنعش أمانيهم في العيش بسلام.
من هنا تسعى اغلب دول العالم الى سن القوانين واستحداث التشريعات التي تلبي مطالب افرادها، وتشبع رغباتهم ، وتخطب بها ودهم ورضاهم ، وتؤمن مستقبلهم الذي يتسم بالازدهار. بعد هذه الاسطر القليلة اقول لمست عند كثير من الموظفين استياء ًبينا ً، اقصد اولئك الذين عادوا الى دوائرهم بقرار المفصولين السياسيين وعددهم بحسب مصدر حكومي يتجاوز الـ650 الف موظف، جلهم ترك وظيفته في التسعينيات حين اصبح راتب الدائرة لايساوي طبقة بيض واحدة فضلا عن اعالة عائلة ، هم اذن ليسوا بسياسيين حسب الشروط المعروفة ، ولكن لأغلبهم مواقف من السلطة وعنجهيتها وغطرستها الكاذبة، وقد تعرضوا لضغوطات الواقع المر. وعودتهم جاءت ضمن الضوابط التي توافرت بعد عام 2003 وكثير منهم صادق في نياته الهادفة الى دعم العراق الجديد الذي سيوفر العدالة الاجتماعية التي حرموا منها سابقا ً.rnولأن " الحلو لايدوم "فقد تفاجأ هؤلاء بلجنة التحقيق التابعة الى الامانة العامة لمجلس الوزراء وهي تطالب دوائرهم بالتحقق من انهم او احد اقربائهم كان محكوما سياسيا في العهد السابق، وإلا..!! هذه الـ(إلا) اقلقتهم وباتت تهدد مستقبلهم ، فهل سيعودون الى بسطاتهم في الشوارع والاسواق التي ودعوها، ليشكلوا رقما مضافا الى جيوش العاطلين؟ بدورنا نطرح السؤال على الجهات ذات العلاقة ونضيف: أليس هؤلاء هم اساسا من الموظفين الذين سبق لهم الخدمة في هذه الدوائر؟ فما الضير من عودتهم للمشاركة في البناء والاعمار، واكثرهم له خبرة وافرة في مجال عمله.rnان مثل هذه التساؤلات بحاجة الى اجابة شافية تبصّرهم بما يحوم حولهم من اجراءات تضر بهم وبمستقبلهم . هي ليست شكوى ولكنها قضية اناس ضغطت عليهم الحياة سابقا وهم اليوم يتعرضون لضغوطات جديدة غير قادرين على التكيف معها بسهولة في ظل التطورات الاجتماعية المتصاعدة.
كلام ابيض: المفصولون السياسيون
نشر في: 26 سبتمبر, 2009: 07:32 م