علي حسين أحسد رئيس الجمهورية جلال طالباني على هدوئه الشديد وأتأمل صبره وهو يرعى ويقود اجتماع المتخاصمين، خصوصا ان الاجتماعات تسبقها عاصفة تصريحات من النوع الثقيل. مضى أكثر من شهرين بالتمام والكمال على آخر اجتماع والذي صدر فيه بيان يقول للناس " توصلت الكتل السياسية في اجتماعها إلى الاتفاق على تشكيل لجنة وزارية تعتمد نتائج مباحثات اتفاقية أربيل، كما اتفقت على أن يتم إقرار مشروع قانون المجلس الوطني للسياسات العليا،
كما أثمر اجتماع الكتل عن الاتفاق على تقديم مرشحي الوزارات الأمنية واتفقت الكتل السياسية خلال الاجتماع أيضاً على تفويض الحكومة ببدء مباحثات مع الولايات المتحدة بخصوص إبقاء عدد من القوات الأميركية " قبل الاجتماع السابق كنت قد كتبت مقالا وصفت فيه بعض القوى السياسية بأنها عاجزة عن تلبية مطالب العراقيين، واليوم أؤكد، مع احترامي الشديد لنبل وإخلاص دعوة الرئيس طالباني، انه سيواجه سياسيين بلا رؤية، لا يعرضون أفكارا ولا يطرحون سياسات، وان اجتماعاتهم لا تعطي أملا للناس ولا تبشر بفرص حقيقية، ولا تطرح برامج تتخطى صعوبات الواقع الذي نعيش فيه، فهم منهمكون بطرح قدر مهول من التصريحات، التي دائما ما تنتهي بجمل وعبارات ملت الناس من سماعها، عندما يقول علاوي انه لن يحضر الاجتماع دون ضمانات، وعندما يقرر المالكي ان رئيس القائمة العراقية لم يعد شريكا سياسيا، فهذا يعني اعترافا صريحا بما أكده النائب محمود عثمان الذي قال بصراحته المعهودة ان " هذه الاجتماعات مضيعة للوقت بسبب تمسك كل طرف برأيه " عندما يحذر طرف سياسي و يهيب بالمواطنين الابتعاد عن الطرف الآخر، فهذا يعني ان الجميع مصرون على مواصلة ذلك الخطاب المحرض على الفوضى السياسية، هذه الفوضى التي تجعل من اجتماعات القادة مجرد دراما اجتماعية تنتهي بوعود وأمنيات واحتمالات أكثر مما تقر بالتزامات واستحقاقات وإجراءات عملية ملموسة، وللأسف ان الناس التي تتابع هذه اللقاءات سيرمى لها بالفتات من التصريحات، باختصار شديد فان اجتماعات السياسيين تجري وفقا لمبدأ " خذ وفاوض " وهو مبدأ يصلح للتفاوض بين خصمين لكنه لا يصلح بالتأكيد لإدارة البلاد، خصوصا إذا كان ما بين المتفاوضين علاقة شراكة وطنية وليست حربا، للأسف كل الذي جرى ويجري في العراق يثبت بالدليل القاطع ان ساستنا لم يحققوا انجازا، والناس قد فتر حماسها تجاه مثل هذه الاجتماعات، وتشعر بالضيق لان لا شيء تحقق على ارض الواقع. يعتقد بعض الساسة أن الديمقراطية وفرت لهم المناخ الملائم لتوجيه الشعب بالوجهة التي يختارونها، ونسوا أن الديمقراطية صعبة تحتاج جهودا شاقة ومضنية وعملاً بالليل والنهار، في زمن تخيم فيه الانتهازية والوصولية على غالبية المهتمين بالعمل السياسي والحزبي،إن الديمقراطية تحتاج المؤمنين بها والمستعدين للتضحية من أجلها، لا المنتفعين والباحثين عن المزايا والوجاهة والمال العام. أعرف أن المصيبة فادحة، وأن الخراب فوق الاحتمال، لان هناك سياسيين يسعون إلى خنقنا وحشرنا في بوابة العجز وقلة الحيلة، وأغلقوا كل النوافذ المطلة على أحلام التغيير والنهوض من جديد. يُعقد الاجتماع غدا أم يؤجل فإننا هنا نصر على ان العراق والعراقيين يستحقون اكثر، لكن للأسف الذين سيحضرون الاجتماع سيذهبون مسكونين بأحلام الحصول على مغانم ومنافع لا تتعدى تحقيق مطالب شخصية او حزبية، فمنهم من لم ير أبعد من غنيمة الحصول على منصب سياسي، وآخر يصر على ان يستحوذ على كل شيء وأي شيء، فيما المواطن ينتظر ألا يكتفي الساسة بوجبة عشاء وصورة بالحجم الكبير وتصريح يقول : سندرس، ونعد، ونتمنى. أيها الساسة الناس لن يقعوا ثانية في خطيئة الابتهاج باجتماعاتكم.
العمود الثامن :وجبة عشاء وصورة
![](/wp-content/uploads/2024/01/bgdefualt.jpg)
نشر في: 3 أكتوبر, 2011: 09:54 م