إحسان شمران الياسري لا أدري كيف توصف المدن التي تُهمل من أهلها ومن المسؤولين عن إدارتها.. ولا أدري كيف يُفكر المسؤول إذ يبدأ الإعمار في المدينة.. هل نتخلى عن كل شئ عندما نبني جسراً أو مُجسّراً.. فتُترك الحدائق والساحات والمقتربات. ثمة مدينة نحبها وتحبنا.. تقطع الطريق بين الجنوب والعاصمة.. فتجلس في مفترق الطرق بين البصرة وبغداد، وبين الناصرية وبغداد.. هي الكوت التي تطالعك مَداخِلها من بغداد ومن البصرة بركام التراب الذي خلّفه بناء المُجسّر في الساحة الكبيرة.
وقبل أكثر من سنة سألت المحافظ السابق الأستاذ لطيف الطرفة لماذا لم يضعوا في شروط عقد إنشاء هذا المُجسّر تهيئة الطرق البديلة ضمن هذا المشروع لمرور المركبات من البصرة إلى بغداد وبالعكس.. ومن البصرة إلى داخل المدينة وبالعكس.. لماذا تحوّلت الحفريات التي نشأت بعد قلع (التبليط) وإقامة المشروع إلى أكبر مصائد للسيارات. لماذا لم تفعل البلدية شيئاً لتبليط المسافة وهي لا تتجاوز الكيلومتر الواحد أو أكثر بقليل؟! قال الاستاذ لطيف في شبه إيمان بنزع المسؤولية عنه ووضعها على بغداد المسكينة:- (خالي.. الوزارة تعاقدت ويه المقاول مو إحنه).وهكذا ألقى رئيس الحكومة المحلية المشكلة في جعبة الحكومة المركزية وكأن حكومته عاجزة عن فرش كيلو متر واحد بالزفت لتخليص المدينة من عاصفة ترابية مستمرة وزحام لا مبرر له، فضلاً عن الأضرار التي تلحق بالعجلات وبالناس بسبب نزعة إدارية تنحو إلى اضطهاد الناس وإقلاق راحتهم تحت ذرائع لم تقتنع بها الإدارات ذاتها وليس الناس.والمدن البائسة، هي المدن التي لا يتحسس المسؤول فيها جماليتها ومفاتنها وخصائصها، ولا يُميّز بين صدر (سّدة الكوت) فيها، وبين مدافن النفايات.. ولا يسأل المسؤول عن توقيت العمل والتخطيط لمراحله.. وحسبه أن يرتدي بزة العمل وتظهره الفضائيات يعتمر الخوذة البيضاء مُلوحاً بيديه إلى الكاميرا (يعني إلى العاملين في الميدان).. ونحن نفهم تلك الحركات ونتابع انجازات المسؤولين ليس من واقع إطلالتهم من التلفزيون، بل من الأرض التي تزهو بالورود من آثار أقدامهم. وفي مدينة الكوت، مدينة المتنبي وشمران الياسري وحميد ناصر الجيلاوي وسيد مالك الياسري وقاسم شبّر وعشرات المناضلين والوطنيين، لا يحلو لك حالها، حتى لو كانت فيها ألف آلية تعمل ومليون عامل خدمات.. لأن المسؤولين فيها لا ينظرون إلى الجمال الذي ينعكس في نظافة مستديمة، بل يفرحون بحفريات وتراب يُذرّي في الآفاق وسيارات تتكردس فوق بعضها لعبور مطب مضى على وجوده سنة أو أكثر! أنا أدعو حكومة الكوت المحلية لزيارة اسطنبول أو أنقره وغيرهما، وبعدها نأخذهم للإمام العباس لأداء اليمين عن المقارنة بين مدينتهم وتلك المدن التي وهبها الله مسؤولين يتذوقون مظهرها ولا "يدوسونه"!
على هامش الصراحة : مُـــدنٌ بـائـســـة
نشر في: 4 أكتوبر, 2011: 08:35 م