TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > عين :من هم عشّاق المجتمع الديمقراطي؟

عين :من هم عشّاق المجتمع الديمقراطي؟

نشر في: 4 أكتوبر, 2011: 09:46 م

ومن أبرز ملامح هؤلاء القادة ما يمكن اختصاره بـ"العفّة الشخصية". إنها تقوم بتحصين الأفراد من آفات السلطة التي من الممكن أن يلوّح لهم بها الممسكون بالسلطة. وهي تتمثل وتتبدّى بأشكال مختلفة، منها شراء الذمم، أو إشراكهم في "كعكة السلطة"، أو محاولة تكميم أفواههم، وربما نفيهم.
وفي التاريخ المعاصر ثمّة الكثير من القصص حول أمثال هؤلاء. لقد ناضلوا، أو بالأحرى، افنوا سنوات أعمارهم في النضال من أجل إقامة المجتمع الديمقراطي في بلدانهم. كثيرون تعرضوا للسجن والنفي والقتل. وآخرون للابتزاز، وأيضاً للتشهير. كما أن بعضهم حاولت السلطات شراء ذممهم. ولكنهم على الدوام يصنعون أمثولة بـ"العفّة الشخصية". لقد ناضل رجلان ضدّ الديكتاتورية في بلد من بلدان هذه الأرض الواسعة، حاولا جهدهما الإسهام في بناء مجتمع ديمقراطي. وفي آخر الشوط بالنسبة لأحدهما تحقّق الحلم بإسقاط الديكتاتورية والإمساك بالسلطة، فدعا صاحبه لاقتسام "كعكة" السلطة، إلا أن الرجل الثاني رفض ذلك مفضّلاً الاستمرار في معركة تحرير الشعوب من جلاديها. كان مصير الأول: بناء ديكتاتورية جديدة مقيتة، بينما قتل الثاني بعد زمن قليل من رحيله بطريقة غامضة. مثل هذه القصّة تحدث على الدوام، وبالرغم من أنها قصّة ليست متخيلة، بل هي واقعية وحدثت في زمان ومكان معلومين، إلا أنها تتكرّر كل يوم وفي أصقاع أخرى من هذا العالم الفسيح. وفي الحالة العراقية، على سبيل المثال، يدّعي كثيرون إنهم ناضلوا ضدّ الديكتاتورية سواء أكان نضالهم داخل العراق أو خارجه. ولمّا أسقطت الدبابات الأميركية هذه الديكتاتورية تقاسم هؤلاء السلطة في البلاد. اللافت في أمرهم جميعاً أنهم تنكّروا بشكل تام للشعارات التي كانوا يرفعونها أيام "النضال" ضدّ الديكتاتورية، وهم يسعون بكل الوسائل إلى إقامة ديكتاتورية جديدة لو فسح لهم بعض المجال.مثل هذه النماذج لا يمكن الوثوق بها. المجتمع الديمقراطي لا يحتاج إلى أمثال هؤلاء، لأنهم يفتقدون إلى "العفّة الشخصية" التي تمثّل الضامن الوحيد لبقائهم بصفة مناضلين ضدّ التخلف، ومناضلين لإقامة مجتمع ديمقراطي يقود إلى نظام حكم ديمقراطي. والحكمة تقول: من لا يؤمن بالديمقراطية كأسلوب حياة لن يؤمن بها كأسلوب حكم. إن العراق قادر بالفعل على أن يلد قادة رأي مثل كثيرين نقرأ عنهم في بطون الكتب، وبالرغم من المخاطر التي تواجه مثل هذه الولادة، إلا أنها ممكنة دائماً. ولا يمكن التعويل على الأفكار التقليدية بهذا الخصوص، مثل تلك الأفكار التي تقول أن أمثال هؤلاء سيسطعون خارج العراق، أو أن البيئات الفقيرة قادرة على إنتاجهم. قادة الرأي، على الدوام، يولدون من المفاجأة، مثلما يولدون من الحاجة إليهم، حاجة الناس والمجتمع والدولة. ها نحن نعيش في ظل نظام حكم موصوف بـ"الديمقراطي"، ولكن: هل حقاً أننا مجتمع ديمقراطي مؤهل لأن يفرز نظاماً ديمقراطياً؟

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram