TOP

جريدة المدى > منوعات وأخيرة > العراقيون سياسيون

العراقيون سياسيون

نشر في: 27 سبتمبر, 2009: 12:29 ص

وارد بدر السالم لى وقت قريب كان العراقيون بعيدين عن دروب السياسة ودهاليزها. ليست لهم علاقة بصدقها وكذبها؛ فالحال كانت متجهة الى البَلادة السياسية قبل عام 2003 بل كانت بليدة الى حد الضمور الكلي، وهنا لا نعدم من كان ضمن فرق المعارضة في الخارج ويتعاطى السياسة بأشكالها، بمنافعها ومضارها واحتمالياتها المتعددة بوصفها فن الممكن، وهذا الأمر يتقاطع كلياً مع الحالة العراقية القارّة التي مورست ضد الشعب بأن لا يتعاطى السياسة بأي شكل من الأشكال، وهي الخط الأحمر الذي قطع الأرزاق والرقاب وشكّل دائرة خطرة حول الجميع من أجل بَلادة سياسية ?
نبغي أن تعم الجميع، فالسياسة كانت من المحظورات المكهرِبة، وعلى العراقي أن ينصاع الى هذا النوع من الأحادية السياسية، كي لا تقع أنظاره على المحظور والمحرم والمدنّس الخارجي الذي كان يسمع به ولكن لا يتعاطاه!rnإذن كان العراقي بعيداً عن هذه الحرية المقموعة. فهذا النوع من الحرية كتم الأنفاس وضيّق المسارات وحدّد الاتجاهات لعقود أنجبت أجيالاً وأجيالاً كانت لا ترى إلا العين التي انطفأت فيها الحياة؛ أما العين الأخرى فكانت هي العين الحمراء التي يتطاير منها شرر الانتقام عادة. فالعين العوراء مظلمة ونفقها المعتم طويلٌ ولا حدّ له.وهنا كان يقبع العراقي في هذا النفق المليء بالكوابيس وانفلونزا السياسة.rnبعد عام 2003 تغيرت الحال كلياً وانفتح قوس الحرية على الحياة المخنوقة بالسواد، فكانت الصحف اليومية والأسبوعية والفضائيات والإذاعات بما شكلته من تظاهرات إعلامية كبيرة الحجم والمساحة. فتحررت الرؤوس من فجيعة الحصار الطويل وأشرقت شمسٌ غائبة، وتحررت أقلامٌ غيبها النسيان وسوء الحال العامة، ليكون الجميع سياسيين، حزبيين وغير حزبيين، يتعاطون السياسة من أوسع أبوابها، منفتحين على الجديد من الحياة بطريقة جماعية أنبأت عن كبت طويل وحرمانٍ أطول لتعاطي الحياة من بابها السياسي.rnليس منّةً من أحد أن يكون العراقي سياسياً، يتعاطى الحالة السياسية، ويفتح الباب السياسي، ويبلور أفكاره الجديدة على وفق منطوق سياسي جديد. فلقد أثبتت الأكثرية أن بإمكانها أن تعطي للوطن ما يمكنها أن تعطيه من جدة وتجديد في روحه السياسية، لينعكس بالتالي على سلوكه الإجتماعي والحضري، فالسياسة حالة اجتماعية أولاً وأخيراً لأنها تخص المجتمع ومنها تنبثق وتتسامى مع الآخرين بحسب عطاءاتهم المختلفة.rnالعراقي لم يصبح سياسياً بعد بمعنى الكلمة واشتقاقاتها الكبيرة، فما زالت العصبية القبلية والعشائرية تهيمن على عقليته، وما زال يردد شعارات لا تتناسب كثيراً مع مرحلة التحول الجديد، وما زال قسم كبير منه مشدوداً الى ولاءات قارّة ليس من السهولة القفز عليها؛ لكن من الواضح تماماً أن العراقي أصبح سياسياً بالمعنى غير المباشر، فهو الناخب والمنتخب، وهو الصوت الذي يغير المعادلات المتقاطعة في صناديق الاقتراع، وهو الإصبع البنفسجي النافذ في عيون الإرهاب، وهو الناطق في الفضائيات والمتكلم هنا وهناك دون وجل ولا تردد.rnالعراقيون سياسيون، والسياسة لديهم ليست وليدة 2003، وليس ثمة منّة من أحد أن يجعل العراقيين سياسيين يملؤون الحياة بكل ما هو ثر وكبير..

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

الثلوج تنعش أسواق كردستان مؤقتاً وتحول جبالها إلى قبلة للسياح

توجه حكومي لإطلاق مشروع المدينة الثقافية في عكركوف التاريخية

«ساعة نهاية العالم» تقترب ثانية واحدة من «منتصف الليل»

"حلوة الحلوات" بغداد عاصمة السياحة العربية بشكل رسمي

بعد تعاون دولي ومحلي.. أول ميدان للتزلج في العاصمة بغداد

مقالات ذات صلة

غادة العاملي: نجاح أي مؤسسة ثقافية يتطلب تخطيطاً مدروساً وأهدافاً واضحة

غادة العاملي: نجاح أي مؤسسة ثقافية يتطلب تخطيطاً مدروساً وأهدافاً واضحة

 بغداد / متابعة المدى وأدارت الجلسة الشاعرة غرام الربيعي، التي أكدت في مستهل حديثها على أهمية الدور الذي تؤديه المؤسسات الثقافية في العراق، مشيدةً بتجربة مؤسسة المدى ومركز كلاويز في ترسيخ الفعل الثقافي...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram