اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > المدى الثقافي > الـــجـــنــــس مـــرئـــيـّــــاًً

الـــجـــنــــس مـــرئـــيـّــــاًً

نشر في: 5 أكتوبر, 2011: 08:26 م

عبد العزيز إبراهيمrnrnإن تحويل حالة نفسية إلى رؤية بصرية لن يكون عملا سهلا إذا تعلقت الحالة المراد تحويلها بموانع اجتماعية وأخلاقية ،ولنا في الرغبة مثال على ذلك عندما توظف في مشهد سينمائي أو مسرحي حيث يكون الآخر هدفاً لتحقيق غرض من الصعب مواجهة عرضه أمام الآخرين ، أقصد الرغبة في الآخر (المرأة/ الرجل) أو العكس ،فإن كان التحويل صعباً فإن الدرس بشأن أصول الرغبة يكون هو الآخر الأصعب ،وهذا ما حاول أن يسلكه الناقد (فراس الشاروط) في كتابه (الجنس والوعي) * والذي بناه على فصلين:rn
الأول كان مدخلا للإطار النظري بمباحثه الثلاث حيث (ماهية الوعي الايروتيكي)، وأما الفصل الثاني فكان تحليلا للعينات من خلال ( المبنى الذاتي/الغريزي) و(المبنى الاجتماعي/السياسي) و(المبنى النفسي/الفلسفي) ،وكانت المشاهدة سنداً إلى تحليل هذه العينات من خلال الشريط السينمائي، إن ما يواجهنا في هذا البحث الجريء هو مصطلح (الايروتيكي) المنحوت في اللغة الفرنسية ويعني (حالة النزوع إلى الجنس بصفة عامة أو المشاعر أو الأحاسيس التي تكمن في ممارسته أو التحدث عنه) ويمكنني أن أختصرها إلى (شبقية الرغبة) حتى تخفف على القارئ متاعب المصطلح الأجنبي الذي ننوء بحمله في أدمغتنا الثقافية ثقلاً بعد أن شاع في الغرب كشيوع الجنس في أشرطتهم السينمائية مما دفع بالمخرج السويدي (انغمار بريغمان) إلى رفضه معتقدا (إن الجنس كالاستعارة الشعرية والصورة السينمائية تموت عندما تصبح تقليدا عاما ويكون رفضها أكثر استعارية وفنية منها) ص30 لعموميته. ويصبح توظيف الوعي هو المدخل إلى هذا الدرس العلمي والفني في الوقت نفسه، ولذا يرى الباحث إن (العبرة ليست في أن تكون مختلفا عن المألوف في تقنياتك الفنية وطرق استخدامك أدواتك الفنية بل هي موقفك من العالم ووعيك وحوارك وإياه بفن لايقل بأي حال من الأحوال عن حرفية الوعي السائد) ص103 وهو هنا يرى في وعي التوظيف صورتين: الوعي السائد والوعي الخلاق ، ويفرق بينهما كون الأول: (هو ما يقلد حركة أو لحظة آنية من لحظات الوعي الخلاق) ،أما الثاني فإنه (يتأمل المنطقة الايروتيكية في السينما ويستبطنها وفق مستويات عديدة يسعى كل منها إلى تحقيق رؤية منفردة) ص102 ولهذا يعد (الوعي السائد نقيضا للوعي الزائف ولكنه يختلف كونه نمطا من تنميط الوعي الخلاق في لحظته المبدعة لكي يتحقق تأثيره) ص102، ويحتل الرمز مكانه في عرض هذه الحالة ويكون لرموز سيغموند فرويد (معطى فكري عند المبدع وليس معطىً مرئياً عند المتلقي)، لكن ذلك لا يعني التقيّد التام بل (إن القارئ المتخصص قد يذهب إلى قراءة أخرى للرمز لها معطى مخالف في دلالته لمعناه الفرويدي)، وهذا قمة الوعي الموظف ،ويضرب الباحث مثلا بأعمال (هيتشكوك) لأنه (كان من أبرع من وعي هذه الحقيقة –أي ظاهرة الكبت الاجتماعي- وقدم لها وفيها أعمالا فذة ولكنه لم يكتف ببعدها العلمي النفسي وإنما أرادها موقفا واعيا من العالم) ،ويعلل ذلك بقوله (ولذا فإن تحليلا دقيقا لأشرطته التي اتخذت هذا المنحى سيكشف عن رؤيته الشر وعلاقة الجنس به وهي رؤية ذات أصول عريقة في وعي هيتشكوك ذي الأصول الدينية والأخلاقية المتزمتة) ص 110 هذا الوعي يكون ناتجا من أن (الايروتيكية تمثل حقلا دلاليا في لغة السينما) ولكونها (أكثر حصولا في السينما لأنها أكثر تعالقاً مع الواقع بسبب طبيعتها البصرية المتحركة) ص 36، وأثرها الاجتماعي فضلا عن السياسي لكونها أداة تحريضية ،وبالمقابل فإنها في (صورتها الصناعية أكثر الفنون تملقاً للمتلقي وقناعاته ،وهذا يعني أنها تحتاج إلى قدر من الإفهام كي تجلب الناس إلى شباك التذاكر) ص23 وهذه الخطورة الاجتماعية والسياسية كانت وراء (أدلجة) هذا الفن ، ويرجع الباحث ذلك إلى سبب فيقول ( ربما بتأثير صورته المسرحية الأولى أي إلى رصد الدراما الاجتماعية أو في الأقل رصد العناصر الاجتماعية حتى في أكثر معالجاته سطحية وإيغالا من الابتعاد عن الواقع) ويعلله بقوله ( لأن كل فعل سينمائي لابد من أن ينتج دلالة اجتماعية ما مقصودة كانت أم غير مقصودة) ص128 . ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ * الجنس والوعي :دراسة في دلالات الجنس بالسينما، فراس عبد الجليل الشاروط ،منشورات دار صفاء ،عمان، 2011

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

بسبب الحروب.. الأمن الغذائي العالمي على حافة الهاوية

اعتقال "داعشي" في العامرية

التخطيط تبين أنواع المسافرين العراقيين وتؤكد: من الصعب شمول "الدائميين" منهم بتعداد 2024

هروب امرأة من سجن الاصلاح في السليمانية

وفاة نائب عراقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

أصابع بابلية' لأحمد مختار تتوّج عالميا

أصابع بابلية' لأحمد مختار تتوّج عالميا

في استفتاء موسيقي تنافسي سنوي حصلت إسطوانة “أصابع بابلية” للمؤلف الموسيقي وعازف العود العراقي أحمد مختار على مرتبة ضمن العشر الأوائل في بريطانيا وأميركا، حيث قام راديو “أف أم للموسيقى الكلاسيكية” الذي يبث من...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram