ابتهال بليبلrnمذ التحقت بعملي كصحافية وأنا أُحاول أن أجد تبريرات مقنعة لسلوك بعض النسوة وأسلوب تعاملهن مع غيرهن، وتحديداً موظفات الاستعلامات في الدوائر والمؤسسات الحكومية، وقبل أن أعثر على طريقة مناسبة للتعامل معها كنت دائما أتجنب الخوض في معاركهن اليومية، ويحدث أحيانا أن أُفكِّر في كيفية صدهن، ولكنني وبعد كل مشاجرة كلامية أتراجع خشية أن أُهاجم بعبارات نابية تخدش حياء أية امرأة، وأحيانا أتوعدهن بتقديم شكوى ضدهن، وبسخرية واثقة تماماً يأتي الرد: لن تجرئي، لكنني تجرأت، مستعينة بفضولي الصحفي، فكانت خيبتي تقول بأنّه لا جدوى من الشكوى أمام مطبّات يصعب اختراقها، ومفاجأتي كانت أكبر عند مقابلة أي مسؤول عنهن، الذي على ما يبدو لي أنه قرّر أن يحميهن من دون أن يستدعي ذلك معرفة نوع أو طبيعة الشكوى..
هذا ما يذكّرني بمحنة حقوق المرأة، إذ جرت العادة أن نسير في تظاهرات ونكتب ونصرخ مطالبين بحقوق المرأة من الرجل والقانون، ويبدو أننا اليوم بحاجة للسير في تظاهرات للدفاع عن حقوق المرأة من المرأة نفسها. تصوَّروا الموقف، المرأة تسير في تظاهرات ضد المرأة بعكس المنطق المعتاد!، ربما بهذا التصور ستهاجمني الحركات النسوية، وتشن عليَّ حرب صاخبة، وقد لا أنجو من الوقوع في شرك التحريض على المرأة حتى لا تنال حقوقها. وأعود إلى صلب الموضوع، وأتساءل، ما جدوى مهنة موظف الاستعلامات؟ على حد علمي أنه واجهة لهذه المؤسسة أو تلك، ينظم دخول المراجعين إليها وفق الضوابط المعمول بها، وما جدوى أن يكون موظف الاستعلامات امرأة؟ على حد معرفتي المتواضعة أيضاً، لأن المرأة تتميز بالرقة والشفافية في التعامل وحسن الاستقبال، إلا أن ما يحدث هو العكس، امرأة الاستعلامات تعيش في حالة غيبوبة كاملة عن هذه المفاهيم، وتطبّق مقولة "لا أسمع.. فقط أرى وأتكلم!" وما عاد في مظهرها ذاك تكريساً لمبادئ حسن التعامل وخاصة مع النساء، تصورا أن واحدة من موظفات الاستعلامات التي قابلتها في إحدى المراجعات تعامل النساء على أنهن مذنبات أو مجرمات أو أقل مستوى منها، وتصرخ بوجه الواحدة منهن قبل أن تدخل باب الاستعلامات " أنتِ تعالِ"، بدلاً من أن تقول لها مثلاً " تفضّلي، لو سمحتِ" وغيرها من الألفاظ التي لا تعبر سوى عن شلل فكري وأخلاقي، وبعض ما تفيض به من واجباتها تجاه المراجعين التي تعتبرها مهمة جمّة ملقاة عليها مقابل الراتب الشهري الذي تتقاضاه، ولأنني أتوقّع أن تكون معظم النساء يواجهن ما أواجهه، فإنني أحثهن على مساندتي في مطالبة الجهات المتخصصة بوضع قوانين وشروط لتلك التي تقدم على العمل كموظفة استعلامات، وفي مُقدِّمة هذه الشروط "التواضُع الإنساني". ومع ذلك، فأنا لا أعلم هل للبحث عن جزء من هذا الشرط في صورة المرأة المثالية، فقدناه بذريعة انشغالنا مع الوقت بالأوبئة الاجتماعية، أم أنه سيحل عشرات من المشكلات الْمُربكة التي تخلّت عنها إنسانيتنا وأخلاقياتنا؟!.
عثرات أنثى ...المرأة.. موظّفة استعلامات!
نشر في: 5 أكتوبر, 2011: 08:40 م