حميد قاسم الأرقام التي ذكرتها المفوضية المستقلة للانتخابات بشأن عديد المواطنين الذين حدثوا سجلاتهم استعدادا للانتخابات المقبلة، مفزعة.. وتثير أكثر من تساؤل، منها: ما السبب؟ ولمصلحة من يحدث هذا؟ وكيف يمكن معالجة هذه الواقعة;الكارثية; حقا؟. نعلم أن كثيرا من العراقيين يعبرون بهذا الاحجام والعزوف، عن استيائهم ورفضهم – السلبي، من أسف..!- لما يعيشون من تردٍ في الأوضاع الخدمية وتكرار الاختراقات الأمنية المأساوي، فضلاً عن إحباطهم من الساس الذين يتصدرون المشهد الراهن، بل ان البعض يتوهم انه يعاقب من خذلوه حين يمتنع عن ممارسة حقه الانتخابي، إذ يقول:ما الذي قدموه لنا؟ لن انتخبهم ولن أشارك في الانتخابات..!
جاهلا انه إنما يعاقب نفسه حسب، ويكافئ من سبق له أن انتخبهم بحكم الاستقطاب الطائفي المقيت الذي وسم الانتخابات الفائتة، ونعني أولئك الذين خذلوه بفرقتهم وبطائفيتهم وبفسادهم وبعدم كفاءتهم وبتواطئهم مع الإرهابيين القتلة.. قبل أن نمضي إلى التساؤل الثاني، نقول إن هذا كله، يصب في مصلحة هؤلاء السياسيين أنفسهم: أن ينصرف الناس عن الانتخابات بهذه الصورة المريعة، فلا يصعب حينها إكمال النصاب القانوني –في ظل عدم إقرار قانون الانتخابات أصلاً- ببضعة ملايين أو بمئات الألوف وربما بعشرات الألوف- وضمان الفوز ثانية بالمقعد النيابي، وتشكيل الكتل والتوافقات والمحاصصات والحكومات... إلى آخره، لتجثم الوجوه نفسها على صدور العراقيين لأربعة أعوام عجاف أخرى.. فلماذا إذاً لا تحرك المفوضية ساكنا أمام هذه الحقيقة الصافعة؟ ما واجبها وما مبرر وجودها إن لم يكن الترويج للعملية الانتخابية واحدا من أهم مهامها؟ ما مهمة هذه المفوضية السامية إن لم تتول تسويق مشروعها الأساس؟ لم صمتت مفوضيتنا عن هذه الواقعة واكتفت بحل يثير الريبة والاستغراب، حين مددت مهلة تحديث السجلات أياما عدة تنتهي بنهاية الشهر الجاري، وكأنها تريد بذلك إسقاط فرض ثقيل عن كاهلها..؟! لمصلحة من يحدث هذا كله؟ ولماذا لاذت الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني والمؤسسات الإعلامية بالصمت بمواجهة هذه النكسة التي تفصح عن يأس المواطن العراقي ممن انتخبهم وصوّت لهم متحدياً آلة القتل الجماعي والتفجيرات وقصف الهاونات وبقية وسائل الإبادة الهمجية التي ما زالت تستهدف هذا المواطن وحقه في اختيار من يخدمه وعزل من يتخلى عن الوطن، لمصلحة منافعه الخاصة والطائفية الضيقة البغيضة؟.ألم يكن جديرا بكل هؤلاء -بدلاً من الصمت- أن ينظموا حملة وطنية كبيرة لحث العراقيين على ممارسة حقهم في الاقتراع لمصلحة من يضع الشعب وخدمته هدفا أسمى، ومعاقبة الفاسدين بحجب صوته عنهم وعن قوائمهم وكتلهم التي لا ترى في العراق وثرواته سوى غنيمة حرب ينبغي نهبها وسلبها وتقطيع أشلائها بدم بارد؟.ثمانون ألف عراقي فقط حدثوا سجلاتهم الانتخابية..!، ألا يثير هذا الرقم فزعكم، ونحن نتحدث عن انتخابات ستحدد مصير التجربة الديموقراطية العراقية الناشئة؟ هل يستمر الصمت حتى نهاية مدة التمديد مع انقضاء هذا الشهر، ليأتي الاستحقاق الانتخابي في موعده المحدد بدون أن يقر مجلس النواب بكتله المتنفذة قانون الانتخابات، وتنكفئ العملية السياسية وتحقق فشلها الذريع قبل ان تبلغ رشدها؟ تساؤلات كثيرة تدور في أذهان المراقبين بانتظار أن يشمر الجميع عن سواعدهم لإطلاق حملة وطنية شاملة بأساليب متعددة تهدف إلى تذكير المواطن بحقه الدستوري في تعيين ممثليه في السلطتين التشريعية والتنفيذية، ومنع من لا يجد فيه الكفاءة المناسبة من تبوء مسؤولية لا يتقنها وليس جديرا بها.
فــــارزة : لمصلحة من يحدث هذا؟
نشر في: 27 سبتمبر, 2009: 12:39 ص