اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > المدى الثقافي > وجهة نظر..سحق الهوية الوطنية العراقية ثقافياً وإنسانياً

وجهة نظر..سحق الهوية الوطنية العراقية ثقافياً وإنسانياً

نشر في: 8 أكتوبر, 2011: 06:58 م

علي عبد الأمير عجام قبل أيام كنت أتابع بمزيج من الحنين والمتعة الراقية عرضاً موسيقياً في إحدى القنوات الأميركية المتخصصة بالموسيقى المعاصرة، وفكرته قائمة على إعادة تجمع مغني ثمانينات القرن الماضي البريطانيين في عرض مفتوح بالهواء الطلق حضره أكثر من 100 ألف شخص، عاشوا المتعة والذكريات واستعادوا أحداثا شخصية وعامة قاربت الثلاثين عاما، عبر أغنيات لم تعد مجرد ألحان وكلمات،
 بل صورة روحية عن الوقت الذي أنتجها. وقبل كل هذا فان المشهد الممتد ما بين آلاف الحاضرين في موقع الحفل وصولا إلى ملايين في بريطانيا والعالم من مشاهدي محطات التلفزة، لا يمكن له سوى أن يتصل بمفهوم العناية بالهوية الوطنية البريطانية، حتى وإن كانت قد حضرت "معولمة" ومفتوحة على الآخر، فالموسيقيون والجمهور والحدث والزمان، كانوا جميعا ضمن نسيج شكّل جانباً من الهوية الوطنية البريطانية في بعدها الروحي والإنساني، عبر أغنيات الثمانينات البريطانية التي طبعت ذائقة أجيال عدة من كل مجتمعات العالم وثقافاته لما حملته من عناصر تجديد وأصالة في آن.في مشهدنا العراقي ثقافيا وإنسانيا هناك ما أسميها "موجة البكاء الجماعي على أطلال الأغنية السبعينية"، فالشعراء والكتاب والمثقفون والموسيقيون ومتذوقو النغم العراقي حتى من أجيال جديدة، لا حديث لهم في ما خص تأثير الموسيقى الرفيعة والغناء الجميل في العراق، إلا الحديث عن أغنية تلك الفترة، غير أن اللافت هو غياب أي قدرة عند أوساطنا الثقافية، وبعضها حكومي ومؤثر ويدير أقساما مهمة في محطات تلفزيونية ووسائل إعلام تتمتع بقبول شعبي، على تنظيم حدث يتصل بفكرة الاحتفاء برموز تلك الأغنية في حدث ما، تنتعش فيها الهوية الوطنية العراقية، انطلاقاً من أن أغنيات أنتجتها سبعينيات القرن الماضي في العراق شكلت نسيج مشاعر لعراقيين كثر رغم اختلاف تكويناتهم الثقافية والاجتماعية.لا المؤسسة الثقافية الحكومية تفعل هذا، ولا المؤسسات الثقافية شبه المستقلة حتى وإن كانت مسؤولة عن صلب الحياة الموسيقية في البلاد، لا الشركات الاقتصادية الرابحة، وقبل كل هذه اللائحة من المؤسسات العاجزة أو المتخلفة فكريا وبرامجيا، لا وسائل إعلام عراقية تتصدى لتنظيم حدث أو أكثر يعنى بجوانب روحية شكلت ملامح من الهوية الوطنية، رغم أن كثيرا من "المتباكين على أطلال رفعة أغنية السبعينيات" هم من العاملين المؤثرين في تلك الوسائل!ليس هذا وحسب، بل إن تلك الوسائل الإعلامية والمؤسسات الثقافية تقدم كل ما هو مبتذل فكريا وروحيا لجهة التركيز على المشاعر الفجة المثيرة للقبليات الطائفية والعرقية، وهو ما يضيق الفسحة المشتركة التي تعنيها الهوية الوطنية ويمكن للفنون الرفيعة أن تتمثلها بقوة وتحرسها أيضا.وقد تتذكر وسائل الإعلام تلك، وبخاصة المسموعة وأكثر منها المرئية، أن لا بد من حضور ما للهوية الوطنية العراقية، حينها يكون الوقت متاحا بالكامل للفجاجة التي اسمها "الأغنية الوطنية" لاسيما أن جديدها في العراق اليوم يأتي عبر أصحاب الأصوات والألحان ذاتهم الذين أنتجتهم أزمنة الرداءة الذوقية العراقية الممتدة من جيل "تلفزيون الشباب" لصاحبه عدي صدام حسين إلى أجيال تلفزيونات زمان الطائفية شديد القبح والهمجية.إنه اتفاق شيطاني لكنه بقوى تأثير جبارة على سحق الهوية الوطنية العراقية، وتشييعها مثلما دأبت البلاد منذ حروب صدام إلى حروب الطائفيين، على توديع كل معلم جميل فيها ويشهق بالإنساني النبيل فكرة وأسلوباً.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

بسبب الحروب.. الأمن الغذائي العالمي على حافة الهاوية

اعتقال "داعشي" في العامرية

التخطيط تبين أنواع المسافرين العراقيين وتؤكد: من الصعب شمول "الدائميين" منهم بتعداد 2024

هروب امرأة من سجن الاصلاح في السليمانية

وفاة نائب عراقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

أصابع بابلية' لأحمد مختار تتوّج عالميا

أصابع بابلية' لأحمد مختار تتوّج عالميا

في استفتاء موسيقي تنافسي سنوي حصلت إسطوانة “أصابع بابلية” للمؤلف الموسيقي وعازف العود العراقي أحمد مختار على مرتبة ضمن العشر الأوائل في بريطانيا وأميركا، حيث قام راديو “أف أم للموسيقى الكلاسيكية” الذي يبث من...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram