TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > تحرير القطّاع الخاص.. وصاية أم شراكة؟!

تحرير القطّاع الخاص.. وصاية أم شراكة؟!

نشر في: 8 أكتوبر, 2011: 07:04 م

لبيد جلال الحنفي كما هو معروف فقد دامت هيمنة الدولة على الاقتصاد والسوق العراقية لعشرات السنين بدأت مع قيام الدولة الحديثة 1921 وحتى وقتنا الحاضر, تتخللها محاولات عديدة من قبل القطاع الخاص منها فاشلة ومنها ناجحة لتأسس شراكة حقيقية مع الدولة تقابلها خطوات إيجابية أحيانا وسلبية أحايين أخرى من قبل الدولة لتعزيز هذه الشراكة حتى انتهت الأمور إلى وجود منظومة قانونية كاملة تحاصر القطاع الخاص وتلاحقه وتعد عليه أنفاسه,
 لقد دأبت الحكومات في العراق منذ 1958 السنة التي توقف فيها النمو الطبيعي للقطاع الخاص لا سيما الصناعي منه, دأبت على معاملة القطاع الخاص والتحدث عنه كأنه أحيانا طفل صغير لم يكتمل نموه بعد, أو أحيانا أخرى كأنه وحش هائج ينوي ابتلاع الأخضر واليابس, وفي كلا الحالتين فان النتيجة دائما واحدة وهي الحذر والتردد والشك في كل مرة يتطلب الأمر فيها الانفتاح على القطاع الخاص. إن الاقتصاد الوطني اليوم يعاني من مجموعة اختلالات خطيرة تتمثل بالأحادية المزمنة للإنتاج والارتفاع المتصاعد للاستهلاك على حساب الإنتاج والتنمية الشاملة بالإضافة إلى توقف جميع الخطوط الإنتاجية الأخرى ماعدا خط الإنتاج النفطي ناهيك عن عوالق أخرى كالفساد والالتزامات المالية الضخمة التي تورطت بها الميزانية العامة وما إلى ذلك, ما يتطلب ذلك وعيا موضوعيا من قبل الدولة في اعتماد ذهنية الشراكة بدل الوصاية كطريق أضمن لكسب الشركاء وتحقيق الفوائد الاقتصادية والاجتماعية المرجوة كنتيجة للتحالف مع القطاع الخاص في إطار عملية تنظيم وإعادة هيكلة الاقتصاد الوطني, فلا تملك الدولة اليوم الامتيازات الكافية أو القدرة اللازمة لتلعب دور الأب الراعي  لحركة النشاط الاقتصادي كما كانت تفعل في الماضي أو كما كانت توهم نفسها أحيانا بأنها تستطيع أن تفعل فللأبوّة ثمنها كما هو معروف.إن القطاع الخاص وخصوصا الصناعي ذا الاستثمارات الخارجية منه يمتلك اليوم قدرات مهمة في مجال الإنتاج والتسويق والإدارة الحديثة المستندة إلى الربحية والكفاءة, والتكنولوجيا المتطورة ناهيك عن السمعة السوقية التي يتمتع بها بعضهم في الأسواق المالية الدولية, تؤهله لقيادة قطاعات إنتاجية وطنية عديدة متوقفة اليوم ومشلولة بسبب العجز المالي وشيخوخة النظام الإداري وصعوبة الالتقاء بالتكنولوجيا الحديثة التي يعانيها  القطاع العام بسبب بنيته الهرمة, ما  يحتم على الدولة أن تتبنى أسلوبا مختلفا وعقلية مغايرة لعقلية الوصاية والاستعلائية في تعاملاتها مع القوى الاقتصادية الأخرى إذا ما أرادت أن يكون صوتها مسموعا, كما يجب عليها أن تعي أن عملية تعاطيها وحاجتها إلى القطاع الخاص بشقيه المحلي وغير المحلي ليس ضربا من الرفاهية, وإنما هي ضرورة تاريخية لا يؤدي تأجيلها سوى إلى بعض العطل في مسيرة التأريخ والى مزيد من التدهور في عملية التنمية الاقتصادية الوطنية.بمزيد من الوضوح يجب الإقرار أن الدولة اليوم ليست في مواقع مناسبة لتتخير بين أن تنفتح على القطاع الخاص أو لا, فمع واقع محدودية الإنتاج النفطي الذي يعد العمود الفقري لمجمل الناتج الإجمالي المحلي والمحكومة وارداته بعدد من الاستحقاقات الدولية, وأيضا مع وجود العجز الهائل في الميزانية العامة التي لا تعد وفقا لدراسات جدوى وإغلاقها لايخضع لحسابات ختامية, إلى جانب فقدان السيطرة الكلية على حالات التسرب المالي الضخم الذي يهدد فعليا بانهيار القطاع العام.. كل ذلك لايجعل من الدولة في موقع مستقر تماما لتفرض شروط وصايتها على الآخرين الذين يملكون حلول إخراج اقتصاد البلد من أزمته, كما لايسمح لها أن تستمر طويلا بدفع الأمور إلى الحافة في انتظار لمعجزة.على الدولة أن تحدد أولوياتها في عملية علاج مشاكل المجتمع الاقتصادية وذلك بعد أن تحدد بالدقة هذه المشاكل ومن ثم البدء بالخطوات العملية باتجاه فكها, وهذا لا يتأتى إلا من خلال دراسة موضوعية لمجمل الواقع الاقتصادي العراقي, حيث توفر نتائج مثل هذه الدراسات السقف الذهني الواقعي وأيضا الموقف المتزن المقترن بالموضوعية والتي يجب على الدولة التحلي به من أجل إيجاد الأرضية المناسبة للتخاطب مع القطاع الخاص والتفاوض على قاعدة الإدراك الكامل لما لها وما عليها بما يمكنها بالنهاية من التعامل مع المسألة برمتها بموضوعية اقتصادية وسياسية وتشريعية بعيدا عن الأحلام والتصورات ذات الطابع الذاتي المبنية على التكهنات, وبعيدا عن المكابرة, وتقييمات عديمي الخبرة, زائدا أوهام فرضية السوق البكر وتعطش الرأسمال الخاص إليه حيث يمكن لهذا أن يتحقق فعلا ولكن من خلال احترام مصالح جميع الأطراف.إن الابتعاد عن التشكيك اللامعنى له بكفاءة القطاع الخاص واتهامه بنواياه والتوقف عن التدخل في شؤونه ومحاولة فرض الوصاية على مؤسساته ومنظماته المدنية والشروع باستصدار تشريعات عادلة أساسها الشراكة الاقتصادية بين الدولة وبينه تنظر إلى مصالح الجميع بعين واحدة, وتوفر له الحماية اللازمة بما لايؤثر على الاستحقاقات الأخرى من حيث  انضمام العراق إلى المنظمات الدولية, والتحرر من ذهنية الموظف الذي يدير وسائل الإنتاج ولا يملكها الذي يروج إلى مفهوم (وصاية القطاع العام وعدم أهلية القطاع الخاص), والاهم من كل ذلك الإيمان العلمي بان الشراكة أو التحالف مع القطاع الخاص هو ضرورة وليس رفاهية, كل ذلك سيمهد الطر

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram