TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > سلاما ياعراق :اجتثاث الحصار

سلاما ياعراق :اجتثاث الحصار

نشر في: 8 أكتوبر, 2011: 08:38 م

 هاشم العقابي لا يخفي اغلبنا تحسره على أيام كان فيها العراق والعراقيون بخير. ومع هذا قد نختلف في تحديد الخط الزمني الفاصل ما بين أيام الخير وأيام البؤس. فبعضنا ينهي ايام الخير مع انتهاء الحكم الملكي. وبعض يعتبرها قتلت يوم  قتل الزعيم عبد الكريم قاسم. وقسم ليس بالقليل يظن انها استمرت حية، بشكل أو بآخر، وانتهت مع نهاية عقد السبعينيات. وكل لديه حججه وقناعاته في تحديد تلك الفواصل الزمنية، وهنا لست بصدد مناقشة تلك الحجج والقناعات. لانها تتكلم عن شيء هو كما الموت الذي مهما تعددت اسبابه فهو واحد.
ما زلنا نسمع تذمر العراقيين من سلوك بعضهم. فهذا يشكو من غياب قيم الود والمحبة عند العراقيين. وآخر ينعى قيمة الشهامة التي كنا نتميز بها. والكبار يبكون لان الناس بنظرهم قد خلت قلوبهم من الرحمة. وشابة لا تخفي تذمرها من غياب قيمة الحياء عند الشباب الذين يحاصرونها باوسخ التصجيمات حتى في اروقة الجامعات. اضف لها ان الحرامي والمرتشي والفاسد صار لا يرى سلوكه عيبا بل يراه امرا عاديا لا يدعو الى الخوف أو الخجل.لا ينكر ان سياسة التبعيث والعسكرة في زمن النظام السابق أثرت تاثيرا سلبيا على قيم مجتمعنا. لكني أرى  أن الحصار الاقتصادي الظالم الذي فرض على العراق لمدة ثلاثة عشر عاما يظل من اهم الاسباب التي ادت الى تآكل آخر ما تبقى من قيم الخير فينا. فالحصار ومهما حاولت الدول التي تفرضه على الشعوب ان تبرر اسبابه، هو تجويع للناس. والتجويع يشل العقل ثم يتجاوزه ليأتي على الضمائر فيعدمها. انه من ابشع وسائل استخدام سلاح الحاجة للقمة العيش لاذلال الناس. ومتى ما صار الانسان ذليلا فقد انتهى ان يكون انسانا. ومن هنا تبدأ عملية تآكل قيم الخير، التي هي اشد ضررا من تآكل البنى التحتية. واذا زال الحصار الاقتصادي، كما حدث في العراق بعد العام 2003، فان ازالة آثاره السلبية على البنى التحتية قد لا تحتاج زمنا طويلا. خاصة ان موارد العراق المالية كبيرة جدا والمواقف الدولية قد تغيرت لصالحه كثيرا. ومع هذا فشلت حكومات ما بعد السقوط في تحقيق ذلك. والسبب الرئيس في فشلها يعود الى فسادها وانشغالها بتكريس قيم المحاصصة الطائفية وتحقيق المنافع الحزبية والفئوية.أما مصيبة الخراب الأخلاقي الذي خلفه الحصار في نفوس العراقيين، فهذه  لم تغب عن ضمائر قوم السلطة في عراق اليوم وعقولهم، حسب، بل استثمروها "فوائد". محزن ان لا نجد في سياسيي السلطة  مخلصا واحدا أشغل نفسه باهمية ازالة الآثار النفسية للحصار. ومؤلم ايضا ان لا توجد لدينا وزارة او هيئة مختصة بذلك. وحتى ان رأى البعض اني متطرف، فاني لا اتردد في القول بان اجتثاث آثار الحصار الاجتماعية، من ناحية الاولوية، اهم من اجتثاث البعث ومن المصالحة الوطنية. غدا اكمل.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram