حازم مبيضين تتطاول الأزمة السياسية العراقية، المستعرة منذ عام 2003 نتيجة خلافات الكتل السياسية والأحزاب, لتفرض نفسها على كل مناحي الحياة, وهي أزمة لابد من أن تجد حلاً يخرج العراقيين من عنق الزجاجة, ويضعهم على درب البناء والتقدم, بعد عقود رزحوا فيها تحت نظام دكتاتوري, ورط البلد في حروب ونزاعات مع دول الجوار, وتكفل بقمع أي طموح لشعبه في الحرية والديمقراطية,
ويبدو أن الاجتماعات المتكررة التي يدعو إليها ويتبناها الرئيس جلال طالباني تدور في حلقة مفرغة نتيجة تمسك كل طرف بموقفه ورفض أي تنازل يستهدف المصلحة العامة ويبتعد عن المصالح الضيقة. ابتداءً فان على السياسيين مصارحة المواطنين بحجم الخلافات وطبيعتها, بعيداً عن لغة الانشاء الركيكة والممجوجة, التي يلجأ البعض إليها تبريراً لمواقفه, على أن من الواجب تنبيه الساسة العراقيين إلى أن هذه اللغة لم تعد تنطلي على أحد, وباتت مكشوفة للجميع وغير مقنعة على الإطلاق, ولعل البلد بحاجة اليوم إلى إطلاق حوار وطني عام يتجاوز الأطر التقليدية, وينأى بذاته عن المناورات السياسية, ويفرض في آخر الأمر حلولاً يلزم بها السياسيين, الذين فشلوا حتى اليوم في التوصل إلى جوامع مشتركة، تجمعهم على خدمة المواطنين ورعاية مصالحهم, بدل البحث المستميت عن المنافع الحزبية والفئوية والخاصة على حساب المصلحة العامة.يعرف ساسة العراق أن البلد يمر بسلسلة من الأزمات السياسية بسببهم, ويدركون أنه لابد من معالجة تلك الأزمات بدل تصعيدها, ويدركون دون أن يعملوا على تلافي ذلك, أن المطلوب هو تحديد نقاط اللقاء, وهي واضحة لهم, ليكون ممكناً الانطلاق من تلك النقطة لمعالجة نقاط الاختلاف, بدل النفخ في كيرنارها, وهنا لابد من الاشارة الى أن المواطنين بشكل عام سئموا الخلافات المفتعلة, وهم بحاجة إلى فترة من الهدوء بعد الجو العاصف الذي يعيشون تحت مظلته منذ عقود, وكانوا يأملون الخروج من تحت تلك المظلة بعد سقوط نظام صدام, لكنهم فوجئوا باستبدال صدام واحد بعشرات يسيرون على نهجه, ويؤمنون بأساليبه في الحكم. معروف أن ساسة العراق الجدد يلجأون إلى عقد اتفاقات تتسم بالسرية، وهي تأتي عادة على شكل صفقات, تتم تغطية عورتها بتبادل الاتهامات، وتصل إلى حد الوصم بالخيانة, مع أن المفترض أن تتم كل الأمور تحت شمس الحقيقة في العراق، الذي ضحى شعبه بالكثير ليصل إلى بر الأمان, وليعيش في وطنه تحت مظلة القانون، لا في سراديب الفساد التي يجري الحديث عنها جهاراً نهاراً, وتتم التغطية عليها جهاراً نهاراً, وتحت مسميات غامضة وبغيضة, في حين ينخر الفساد أسس الدولة, ولا ينجو منه أي شخص يتصدى للعمل العام.بذل رئيس إقليم كردستان جهداً مشكوراً، في محاولة منه لرأب الصدع بعد الانتخابات النيابية الأخيرة، لكن جهده يضيع في متاهات الصراعات الصغيرة, وإلى حد القول إن بعض المناصب هي من استحقاق المكون السني, وليست من نصيب فصيل سياسي معين, وفي هذا تكريس للمحاصصة التي سنظل نأمل أن يتخلص منها العراق, ليعود العراقيون جميعاً سواسية في مواطنتهم, ولتنتهي إلى الأبد الصراعات الطائفية التي لم تجلب للبلد غير البغضاء والخراب، والتي للأسف يجهل الساسة أنها في آخر الأمر ستصيبهم في مقتل، وستكون نتائجها وبالاً على المواطنين، الذين لا يستحقون كل هذا العذاب، فالعراق يعيش أزمة تحتاج إلى حلول إبداعية يفتقر إليها قادتهم.
في الحدث: العراق.. أزمة تبحث عــن حـــل
![](/wp-content/uploads/2024/01/bgdefualt.jpg)
نشر في: 8 أكتوبر, 2011: 08:40 م