وديع غزوان ليس جديداً ذلك الموقف الكردستاني الذي أعلنه الدكتور فؤاد معصوم عن طبيعة مهمة الوفد الكردي عندما قال " إن هدف وفد إقليم كردستان ليس مناقشة أمور كردية محددة، بقدر ما تنصبّ على بحث الوضع العراقي العام من مختلف جوانبه "
, فقد سبقه العديد من المواقف وليس التصريحات فقط التي تؤكد ذلك. والمطّلع على طبيعة الدور الكردستاني في العملية السياسية يعرف انه كان يتمحور منذ البدء بشأن تأكيد ثوابت وثقافات تتجاوز الهمّ الكردي وتنطلق إلى فضاء المواطنة الأوسع الذي يمنح المكونات العراقية طمأنينة وقناعة بأن حقوقها مضمونة في إطار وطن تجاوز نظامها عقد الماضي، ويسعى إلى تأسيس نظام ديمقراطي صحيح يشعر فيه الجميع بوجودهم الحقيقي الذي يتيح لهم التمتع بحقوقهم غير منقوصة كعراقيين، ما يضع عليهم التزامات وواجبات تجاه الوطن. لا نقول ذلك دفاعاً عن وجهة نظر معينة، فكلنا يعرف كيف كانت ترسم السياسات في السنوات السابقة، وما هي الوسائل التي اتبعت لاستخدام كل طرف ضد الآخر، بل لخلق وتشجيع منازعات داخل المكوّن الواحد نفسه. في هذه المعادلة لم يكن هنالك من رابح غير طبقة المنتفعين من الذين اعتادوا المتاجرة بكل شيء ويتلونون بحسب الظرف، أما بقية العراقيين ومن مختلف المكونات فقد كانوا خاسرين وظلوا يدفعون جميعاً ثمن هذه السياسة التي تتعمد تهميش الكل لحساب أشخاص لم يكونوا يمثلون إلا أنفسهم.. لذا فقد كانت مهمة تشكيل ثقافة جديدة تمنح الجميع فرصة المساهمة في بناء العراق الجديد من أساسيات برنامج التحالف الكردستاني، الذي تمكن قبل 2003 أن يؤكد شراكته الحقيقية بجملة فعاليات جعلت منه لاعباً أساسيا في عملية التغيير التي حصلت. لا نقول هذا دفاعاً عن التحالف الكردستاني حسب، بل لقناعة راسخة بضرورة إعادة الاعتبار لمفهوم المواطنة الذي شوّهته وكادت تضيعه المحاصصات، خاصة مع ما يلوح أحيانا من اتجاهات عنصرية تسعى لتصوير مطالب أي مكوّن بحقوقه ومهما كانت مشروعة ومنطقية، وكأنها محاولات للانفصال أو تمزيق وحدة الوطن الواحد.لن نناقش مدى تفاهة هذا الطرح وسطحيته وتجاهله أبسط المفاهيم الإنسانية، لكننا نقول إن تجربة العراق في تاريخه القديم والحديث تؤكد إن سرّ قوته كانت بمقدار مشاركة جميع مكوناته في عملية البناء والنهضة،ولنعد بالذاكرة إلى بدايات تأسيس الدولة العراقية لنطّلع على نماذج من شخصيات عراقية أسهمت بوضع لبناة هذه الدولة بكل أمانة وإخلاص. ما نتمناه على البعض، خاصة في بعض وسائل الإعلام الابتعاد عن وسائل التشكيك والاتهام للآخر لمجرد إنه طالب بجزء من حقوقه سواء كان كردياً أو تركمانياً أو غيرهما، فهو عراقي قبل كل شيء، علينا أن نعمل جميعاً على إشاعة ثقافة ما زلنا بعيدين عنها مع الأسف.. ثقافة لا تقبل الاجتهاد أو التأويل ترسخ في عقولنا مفهوم صحيح لمعاني العيش المشترك في وطن واحد دون إقصاء أو تهميش.. لنبتعد عن أسلوب الاتهامات الجاهزة ولنبتعد عن الأجندات الخارجية،كي نعيش بخير وبأمان ومستقلين حقاً.. هدفنا واحد وهمومنا مشتركة فلنكن جميعاً للعراق.
كردستانيات :لنكن جميعاً للعراق
نشر في: 8 أكتوبر, 2011: 09:01 م