عدنان حسين لستُ أدري لماذا بالضبط أتذكر الاسم الذي أطلقه العقيد المخلوع معمر القذافي على بلاده ليبيا "الجماهيرية العربية الليبية الاشتراكية العظمى"، كلما ورد ذكر اسم المجلس الذي كان من المفترض أن يتولى رئاسته رئيس ائتلاف العراقية إياد علاوي، "المجلس الوطني للسياسات الإستراتيجية العليا" الذي تعسّرت ولادته طويلاً ولا يبدو انه سيولد أبداً.
على أية حال فأن السيد علاوي يفعل خيراً إن تخلّى فعلاً عن فكرة ترؤس المجلس ذي الاسم الأطول في دولتنا، كما أعلن يوم الخميس الماضي في مؤتمر صحفي، فهي فكرة أُوجدت لكي لا تتحقق، وحتى لو تحققت فأن المجلس الموعود كان سيولد كسيحاً، وكان سيظل في غرفة الإنعاش حتى نهاية عمر الحكومة والبرلمان الحاليين بعد سنتين وبضعة أشهر من الآن.هذه ليست المرة الأولى التي يقول فيها علاوي إن نفسه قد عافت المنصب المزعوم، فقبل ستة أشهر بالضبط صرّح بأنه لم يعد يرغب في رئاسة مجلس السياسات، عازياّ السبب إلى ما وصفها "مماطلة" من جانب رئيس الوزراء نوري المالكي في تشريع المجلس وتنفيذ سائر الاتفاقات التي انبثقت على طاولة رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني عشية تشكيل الحكومة الحالية، لكن علاوي ومَن حوله في العراقية لم يكفّوا عن الدعوة لتشكيل المجلس ومنح رئاسته إلى أحد زعماء العراقية الكُثر باعتباره "استحقاقاً وطنياً وانتخابياً" للقائمة العراقية كما يكرر هؤلاء الزعماء القول بمن فيهم علاوي نفسه.الأكثر خيراً من تخلي علاوي عن رئاسة المجلس اللغز، هو التخلي عن الفكرة برمتها، فالمجلس لن يكون، وكل ما يتعلق به هو لعب خارج الملعب، أي أن لا نتيجة تُرتجى منه.علاوي تحدث في تصريحه الأخير عن "الارتجالية" في سياسات الحكومة الحالية وسط الفساد المالي والإداري المتفشي بما يقود العراق نحو "هاوية خطيرة"، مطلقاً "علامات استفهام كبيرة بشأن حقيقة الديمقراطية والتعددية السياسية وحرية التعبير والتداول السلمي ومستقبل الوضع السياسي في العراق". وعلاوي لا يجانب الحقيقة في تحليله هذا، لكنه هو أيضاً يتحمل مسؤولية كبيرة في حدوث ما يحدث على مستوى الارتجالية في السياسات الحكومية وتفشي الفساد وعدم تحقق الديمقراطية والتعددية وحرية التعبير ووضع مستقبل العراق في مهب الريح. فالسيد علاوي لم ير نفسه إلا رئيساً للحكومة أو في الأقل رئيساً للمجلس اللغز الذي أريد له أن يكون رأساً ثانياً في الحكومة لا يريده ولا يقبل به الرأس الثاني، فيما كان هناك خيار آخر أكرم لعلاوي وأنفع للعراق ولكل الأشياء الموعود بها كالديمقراطية والتعددية وحرية التعبير وسواها، وهو خيار تزعّم معارضة قوية في البرلمان تستطيع أن تكون قوة ضغط هائلة على الحكومة حتى لا تنتهج سياسات ارتجالية وحتى تضع حداً للفساد وحتى يتحقق قدر من الديمقراطية والتعددية وحرية التعبير.هذا الخيار لم يزل قائماً، لكن جدواه ستتضاءل بعد حين عندما يبدأ العد التنازلي لعمر الحكومة والبرلمان الحاليين.
شناشيل :ثمة خيار آخر لعلاوي
نشر في: 8 أكتوبر, 2011: 09:30 م