علي حسين مشكلة البعض من المشتغلين بالسياسة عندنا، أنهم يتصوروننا شعباً من عصور الجاهلية الأولى، يَهيم على وجهه في صحارى التيه، وهم الذين سيأخذون بأيدينا إلى شواطئ الهداية والأمان، وبالتالي فلا بد من أن نرضخ لهم، فنحن شعوب بدائية لم تختبر الحضارة بعد، وعلينا ان نجرب مرحلة انتقالية جديدة، استطاع فيها البعض أن يختطف مايكروفونات الفضائيات وان يفرض نفسه صانعاً لمستقبل البلاد، وان يحدد شكل الدولة التي يجب أن نعيش تحت ظلها،
هكذا يريدون أن يصوروا للعالم أن ثماني سنوات من التخبط في مشاريع الإعمار، والمحسوبية السياسية والانتهازية والمحاصصة الطائفية هي تجربة عظيمة يمكن لدول العالم أن تحتذي بها، بهذا الاعتبار فقط يمكن استقبال حديث السيد المالكي مع رئيس المكتب التنفيذي للمجلس الانتقالي الليبي، والذي بدأ بمقدمة تتحدث عن تجربة العراق في مجال السياسية والإعمار والتي يمكن أن تحتذي بها الحكومات الأخرى، ثم يقول: "إن بغداد مستعدة لتقديم كل ما اكتسبته من خبرة في مجال إعادة مؤسسات الدولة لدعم التجربة الليبية"، طبعا ولم ينس السيد المالكي أن يوصي ثوار ليبيا بضرورة العمل لبناء دولة المواطنة التي تركز على الاهتمام بالمواطن وتنميته البلاد في شتى المجالات، وبالتأكيد لم ينس ايضاً أن يخبر الأشقاء الليبيين بعدم الالتفات إلى تقارير المنظمات الدولية التي وضعت العراق على رأس قائمة الدول الأكثر فسادا، وان تقارير عن انتشار الرشوة وسرقة المال العام وغياب الخدمات وتدهور الحريات المدنية ما هي إلا أضغاث أحلام في رؤوس منظمات تسعى لتقويض العملية السياسية في العراق وتنفذ أجندات خارجية هدفها النيل من الانجازات الكبيرة التي تحققت خلال السنوات الماضية، بالتأكيد أنا لست ضليعا في شؤون السياسة والاقتصاد، كما هو حال بعض ساستنا، لكنى أعرف وأرى في بلادنا شباباً تضيق بهم سبل الحياة لأنهم حرموا من فرص العمل، وأعرف كما يعرف غيري أن مؤسسات الدولة التي يفخر بها السيد المالكي تحولت إلى إقطاعيات تملكها الأحزاب والقوى السياسية، وأرى كما يرى الجميع أن المناصب والمسؤوليات في بلادنا التي ترفل في بحبوحة المشروعات العملاقة لاتمنح وفقا لمعايير الكفاءة والتفوق، بعد أن أطلقنا خيول النفاق والتزلف والمحسوبية على أعنتها، للأسف فات السيد المالكي أن يتذكر أن معظم قادة ليبيا الجدد صرحوا بأنهم لن يتخذوا من التجربة العراقية أنموذجا، بل إن أوباما نفسه أكد في أكثر من مناسبة أن أمريكا لن تكرر أخطاء العراق. وبعيدا عن وصايا السيد رئيس الوزراء دعونا نتساءل، هل حقا نحن نعيش اليوم عصر الازدهار؟، وهل انتهت وتبخرت كل المشاكل لنقول إننا نجحنا في عملية استثمار ثروات البلد، والسؤال الأهم من أفاد من الاستثمار؟ لا أعرف كيف تسنى للسيد المالكي أن يقول إننا نجحنا في الإعمار وبناء المؤسسات ونحن لا نزال نعيش في دولة لم تحدد أهدافها بعد. كان يمكن للسيد المالكي أن يوصي الليبيين بتجنب ما مررنا به من محن وويلات، كان يمكن أن يوصيهم بالابتعاد عن مبدأ المحاصصة السياسية، وتجاوز الماضي والسعي لمشاركة الجميع في بناء ليبيا، كان يمكن ان يحذرهم من الانشغال بالانتقام واقامة محاكم التفتيش واجتثاث المناوئين في الرأي. ماذا أقول لجبريل ورفاقه، لقد قلبتم علينا المواجع، وأفضل عقاب لكم أن يحكمكم احد المقربين من السيد رئيس الوزراء.
العمود الثامن :أشقاءنا الليبيين.. لاتنصتوا لنصائحنا!
![](/wp-content/uploads/2024/01/bgdefualt.jpg)
نشر في: 8 أكتوبر, 2011: 10:38 م