يوسف فعل تعيش كرتنا وسط حالة من الضبابية وعدم اتضاح الرؤية لغياب الضوء في آخر النفق المظلم ، وهي ما تزال لا تعرف أبوّتها الشرعية وهويتها ، هل هي محترفة ام هاوية على طريق اسطورة ايام زمان المطرزة بالوفاء والعرفان للنادي الاول؟ وهذه الجدلية بين الاحتراف والهواية في زمن العولمة الرياضية ولـّت الى غير رجعة لأسباب عدة منها الاقتصادية والفنية والادارية ،
وادت فرضيات التداخل في الآراء بشأن تحديد هوية كرتنا الى انهيارها السريع من قمة الجبل وانعكست سلبا على نتائج منتخباتنا الوطنية في الاستحقاقات الدولية.دول الجوار برمتها ذات الطابع الرأسمالي او الاشتراكي تخلـّت عن رداء الهواية واتجهت مسرعة صوب تطبيق الاحتراف في جميع تعاملاتها مع الاندية ومسابقاتها في التعاقد مع المدربين واللاعبين ، بشكل أسهم في الارتقاء بواقعها الفني الى الأفضل ، والدليل في التحول الايجابي من الهواية الى الاحتراف جعل دولة عربية مثل قطر نجحت بالحصول على شرف تنظيم مونديال 2022 لامتلاكها جميع مقومات نجاح المونديال من الملاعب الرائعة والمرافق الاخرى، اما نحن المتمسكون بباب الهواية والعيش في اوهام الماضي ما زلنا نبكي على اللبن المسكوب والايام الخوالي وكيف ان ملعب الكشافة كان واحدا من الملاعب الجميلة في بلاد العرب بالستينيات من القرن الماضي وكانت مدرجاته تمتلىء بالجمهور في مباريات فرق المؤسسات .وحاليا تقف كرتنا بمنتصف الطريق حائرة لا تعرف مسارها الصحيح لغياب الجرأة والشجاعة من العاملين فيها للتخلي عن الأفكار القديمة لعدم قدرتهم على اختراق الحواجز والمضي قـُدماً باتجاه الدخول في عوالم جديدة في سوح الرياضة من خلال التمسك بمبادئ الاحتراف بمعناه الشمولي، وهذه المنطقة الرمادية التي لا نريد مغادرتها اثرّت بصورة واضحة على العلاقة التي تربط الاندية مع المؤسسات الحكومية الرياضية ومجالس المحافظات ، لذلك فان اصوات الاندية في بغداد والمحافظات بحـّت من صراخها بصوت عالٍ يصم الآذان لإنقاذها من محنتها المالية الخانقة ولكن من دون مجيب وأدت لتوقيف نشاطات عدد من الالعاب الفردية او الجماعية في افضل الاندية.وما يدور في الوسط الكروي بشأن الدوري المقبل لا يخرج من فلك تلك المشاكل المادية لأن الاندية تصرف ملايين الدنانير في توفير عقود اللاعبين والمدربين ومرتباتهم الشهرية لكنها تخرج من المولد بلا حمص في نهاية الموسم عندما يحين موعد قطف الثمار.وأزاء هذا المشهد السريالي المخيف للمستقبل فان كرتنا بحال يدعو للرثاء لأن القائمين عليها وجدوا أنفسهم يناطحون جبالا صماء لا يستطعيون اختراقها بسهولة لفتح آفاق جديدة تنقل الاستثمار الرياضي الى واقع مغاير يسير بعقيلة متفتحة واعية تدرك اهمية المرحلة للاسراع بإقامة المشاريع التي تدرّ الاموال اللازمة للاندية للنهوض بواقعها الى حيث البحبوبة لأن البقاء تحت رحمة الدعم الحكومي الرياضي إنه كمن يعالج المريض بالمسكنات التي لا تـُشفي ولكنها توهمه بالشفاء.ووفق تلك المعطيات على أهل الشأن الكروي تقديم المقترحات الهادفة الى اصحاب القرار الرياضي لنقل شرعيتها الى عالم الاحتراف لتطوير كرتنا بصورة عامة والرياضة بصورة خاصة وتوضيح الحقائق من دون رتوش او نفاق لتحقيق مكاسب شخصية وتقلـّد مناصب وهمية على حساب تشييع كرتنا الى مثواها الأخير!
نبض الصراحة :كرتنا من دون هوية !
نشر في: 9 أكتوبر, 2011: 08:09 م