TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > العمود الثامن :صورة الحكومة.. وصورتنا

العمود الثامن :صورة الحكومة.. وصورتنا

نشر في: 9 أكتوبر, 2011: 10:26 م

 علي حسين تفتخر الحكومة اليوم بأن صادرات النفط وصلت إلى ثلاثة ملايين برميل يوميا ويبشرنا السيد نائب رئيس الوزراء لشؤون الطاقة حسين الشهرستاني بان ما وصلنا إليه يدلّ على تحسن في الوضع الاقتصادي، الذي لا يقابله للأسف أي تحسن على المستوى الاجتماعي، بل شهد تدهوراً ملحوظاً تمثل في الغلاء، مع تدهور في الخدمات الأساسية التي تقدم للناس وعدم تقديم الحد الأدنى منها، سواء في عجز الحكومة عن توفير الأمن والأمان، أو في تدهور واقع التعليم والصحة أو في الغياب شبه التام للكهرباء أو في بقية الخدمات الأخرى الأساسية،
التي يبدو أنها سياسة مرسومة للحكومة، تتمثل في التخلي الواضح والصريح عن القيام بالكثير من واجباتها، وعجزها الدائم عن معالجة المشاكل التي تواجه المواطن، هذه هي صورة الحكومة اليوم، وزراء نشاهدهم في الاجتماعات والمؤتمرات والندوات بأزيائهم الراقية، وابتساماتهم العريضة والإحساس بالسعادة والزهو، صورة تقابلها صور عدة أراها كل يوم وأنا انظر إلى وجوه الناس وهم يعيشون متاهات الحياة، والإحساس بالعجز وقلة الحيلة، مواطنون أصبح الزمن لا يعني لهم شيئـا أمام تكرار الهموم والأزمات وضياع الأحلام وسنوات العمر‏..‏ بين الصورتين هناك ساسة لا يشعرون بما حولهم، يعيشون حالة انفصال عن الواقع، وأكاد اجزم أنهم ابعد ما يكونون عن هموم الشارع، فقد رتب كل منهم حياته ومستقبل أبنائه،  وحولهم مواكب المستفيدين من اللصوص والسماسرة وأرباب السوابق والانتهازيين، فيما مؤسسات الدولة تحولت إلى جلسات عائلية وحفلات نفاق وتأليه وأحاديث عن شعب لا يقنع‏، وبطون لا تشبع.على الجانب الآخر ترى وطنـا آخر حيث طوابير العاطلين وضحايا الإرهاب ونشاهد قضايا نهب المال العام وسرقة أراضي الدولة والرشوة والزواج الباطل بين السلطة ورأس المال‏.‏ هذا الانقسام الواضح بين حكومة لا ترى ولا تشعر بآلام الناس،‏ وبين مواطن لم يعد أمامه من وسيلة للحياة غير أن ينام مقهورا مغلوبا على أمره.‏ أنها دراما سوداء تحكي قصة الانفصال الذي أصاب المسؤولين ومعهم مواكب المنتفعين،‏ فقدان للبصر والبصيرة الذي يعاني منه عدد كبير من السياسيين والمسؤولين، أمام هذه الصور المتعددة اسأل رئيس الوزراء ومعه السيد الشهرستاني، ماذا يا سادة تفعل ملايين البراميل من النفط إذا لم تستخدم لخدمة الناس، وفي وفاء الحكومة بالتزاماتها أو الحد الأدنى منها تجاه المواطنين.. وإذا لم تستخدم تلك الملايين في حل أزمة السكن ومعالجة قضية البطالة وفي تحسين مستوى الخدمات الصحية، وفي الطرقات والمصانع والجامعات، وفي تخفيف حالة البؤس التي تتفاقم وتتزايد يوماً بعد يوم؟!قد يرى رئيس الوزراء أن تلك الملايين من البراميل مخصصة للدفاع عن أمن البلاد، وهو كلام سليم من الناحية النظرية.. لكنه ليس سليماً من الناحية العملية والواقعية.. لأن السؤال الأهم ماذا عن امن المواطن المعيشي والخدمي؟ ماذا يستطيع المواطن أن يقدمه لحماية أمن بلاده، إذا كان أمنه الشخصي مهدداً.. وغير قادر على العيش بكرامة داخل بلده.. ويرى أن الحكومة ومن خلال سياساتها العبثية قد تخلت عنه؟هذه الملايين من براميل النفط هي حق للمواطن، هو صاحبها، يريد اليوم أن يسمع حقائق لا خطبا، يريد أن يطمئن على مستقبل أبنائه، لا على مستقبل السادة الحجاج أعضاء البرلمان والحكومة، المواطن يريد أن تتحول براميل النفط إلى سكن محترم وضمان صحي واجتماعي ووظيفة مناسبة ومياها نظيفة، يريد أشياء يمكن المحاسبة عليها، وفي حال عدم تحقيقها فالحكومة سوف تستقيل مثلا.. السيد الشهرستاني.. غالبية الناس لا تعرف بكم تبيعون النفط، وأين تذهب أمواله، فكيف تريد إقناعها أن الطفرة في الصادرات ستحسن أحوالهم، وأن هناك ثمارا في الطريق. السيد رئيس الوزراء الناس ربما تثق في بيانات الحكومة ولكنهم يعتقدون أيضا أن هناك الكثير من قطاع الطرق من سياسيين ومسؤولين يسرقون ثمار الزيادة في صادرات النفط قبل أن تصل إلى اصحابها الشرعيين.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram