حازم مبيضين لايمكن النظر إلى القمة التي جمع فيها الرئيس الأميركي باراك أوباما العدوين – حتى الآن – محمود عباس وبنيامين نتنياهو, إلا باعتبارها اجتماعاً بروتوكولياً من حيث الشكل, وهي في الجوهر محاولة لحفظ ماء وجه السياسة الأميركية, التي فشلت إلى اليوم في تنفيذ خطوة إيجابية واحدة باتجاه سلام الشرق الأوسط, المستحيل من دون إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة, التي لايمكن أن ترى النور طالما استمرت حكومة اليمين الاسرائيلية في تحدي المجتمع الدولي, باستمرارها في زرع المزيد من المستوطنات في الأراضي المحتلة,
وهي تدرك أن كل حجر يبنى?هناك, يعتبر حجر عثرة في طريق السلام الذي يبدو شديد الوضوح عدم رغبتها في السير فيه ولو خطوة واحدة. واضح للجميع أن الرئيس الفلسطيني وافق على حضور الاجتماع, ليثبت للعالم كله جدية الفلسطينيين في البحث عن السلام, وواضح أن رئيس الوزراء الاسرائيلي يذهب للاجتماع لذر الرماد في العيون, وواضح أن أوباما ضغط لعقد الاجتماع لتأكيد استمرار الجهود الأميركية لوقف الاستيطان, وكأن هذه هي المعضلة, والمؤسف أن الإدارة الأميركية وقعت في فخ المناورة الاسرائيلية الخبيثة, التي اختصرت القضية إلى وقف الاستيطان, وليس البحث عن تفاصيل ق?ام الدولة الفلسطينية, في إطار حل الدولتين الذي رضي به العرب جميعاً, وتعامل معه المجتمع الدولي بإيجابية واضحة, قبل أن يصطدم بالتعنت الاسرائيلي على يد حكومة نتنياهو . rnنعرف أن المصافحات البروتوكولية بين مبعوث واشنطن للسلام في الشرق الأوسط جورج ميتشل والاسرائيليين, لم تفلح في إذابة طبقات الجليد, التي تعترض إطلاق مفاوضات السلام, ونعرف أنه بعد ثلاثة أشهر من الجولات المكوكية, فشل ميتشل في الحصول ولو على بصيص أمل, بسبب تعنت نتنياهو, ونتمنى تصديق وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون, وهي تؤكد أن مهمة مبعوث الإدارة الأميركية ستتواصل، لأن من المهم أن تصل المهمة إلى نتائج لا أن تكون مخدراً يحقن به الفلسطينيون والعرب, بينما سرطان المستوطنات ينهش جسد الوطن الفلسطيني الموعود والم?مول, ولأن هذه الأمة تدرك أن الصراع العربي الاسرائيلي الذي بدأ كصراع وجود بين العرب كأمة, وإسرائيل كمشروع استعماري, قد جرى تقزيمه على يد العديد من مبعوثي السلام الدوليين, إلى خلافات جانبية تتعلق اليوم بوقف الاستيطان، بعد أن تعلقت على مدار ستين عاماً بقضايا هامشية أخرى من هذا القبيل, وتدرك أيضا أنه لو تم تجاوز هذه القضية لجرت محاولات جديدة لتقزيمه إلى مستويات أدنى. سيكون مدهشاً إن استمرت الإدارة الديمقراطية بمطالبة العرب بتطبيع علاقاتهم مع إسرائيل, إن هي أوقفت الاستيطان في الأراضي المحتلة, وعلى قاعدة التطبيع?مقابل تجميد الاستيطان . وسيكون مدهشاً أكثر إن هي استمرت في تجاهل قضايا أساسية في الصراع قادرة على تفجير أي تسوية, مثل اللاجئين والقدس وحدود الدولة, بسبب المشاكل الداخلية التي جابهت أوباما, ومنعته من العمل بجدية وعمق لتفكيك جذور الصراع والاكتفاء بمعالجة إفرازاته وظاهره, وسيكون أكثر إدهاشا إن اعتقدت واشنطن أن اندفاع القادة الفلسطينيين وحماسهم تجاه السلام سيسمح لهم بمزيد من التنازلات, والاقتناع أن ذلك الاندفاع يمكن توظيفه لتحقيق إنجاز شكلي يتيح لها الالتفاف على بعض مشاكلها المتنامية في المنطقة.rnقمة نيويورك الثلاثية لن تكون فاصلة في الصراع العربي الاسرائيلي, لأنها لن تطلق مفاوضات السلام مجدداً, ولن تكون دقائقها قادرة على جسر الهوة بين عباس ونتنياهو, وهي تحاول أن تكون نقطة تبريد في ظل تصاعد التوتر الناجم عن التعنت الاسرائيلي الذي يسعى لتحويل القضية الفلسطينية إلى مجرد وقف للاستيطان ويرفض أن يكون هذا الوقف خطوة أولى تليها خطوات تفضي إلى إقامة الدولة الفلسطينية.
قمة نيويورك البروتوكولية
نشر في: 27 سبتمبر, 2009: 01:22 ص